تعود العنصرية المتجذرة في المجتمع الأمريكي مجدداً إلى الواجهة بعد قيام ضابط من الشرطة الأمريكية بقتل الشاب دونت رايت, من أصحاب البشرة السمراء, بالرصاص لمخالفته قواعد المرور في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا, ما أدى لاندلاع احتجاجات عنيفة استخدمت فيها الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين السلميين.
رغم مسارعة السلطات في ولاية مينيسوتا لفرض حظر تجول ليلي, إلا أن الاشتباكات تجددت بين المتظاهرين وعناصر الشرطة, ما رفع بشكل كبير مستوى التوتر في مدينة مينيابوليس التي لا تزال تختزن غضباً وحنقاً للشارع الأسمر الباحث عن الإنسانية والعدالة الاجتماعية تحت شعار “حياة السود مهمة”, في بلد غارق بالعنصرية.
مشهد الغضب والانتفاضة للعذابات الطويلة لأصحاب البشرة السمراء الذي تعيشه ولاية مينيسوتا اليوم, هو إعادة إنتاج لسيناريو مماثل شهدته الولاية نفسها العام الماضي عندما قتل الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد خنقاً وهو يتوسَّل للشرطي أن يرفع رجله عن عنقه حتى يتمكَّن من التنفس. في حادثة ليست الأولى من نوعها في أمريكا، ولكنها أشعلت مشاعر الملايين حول العالم الذين يُطالبون بإنهاء كل أشكال تفوق العرق الأبيض وعنصريته المقيتة, والمساواة بين مختلف الأعراق والأجناس.
اللافت, أنه برغم الاحتجاجات الحاشدة التي اجتاحت ولايات أمريكية عدة خلال العام الماضي على خلفية مقتل فلويد, يعيد عناصر الشرطة الأمريكية جرائمهم ضد أصحاب البشرة السمراء بدم بارد، فسجلّ القتل على يد عناصر الشرطة يزداد ثقلاً مع سقوط ضحايا جدد في كل مناسبة، من دون أن يطول العقاب عناصر الشّرطة المتورطين في هذه القضايا. وعليه لم يكن مستغرباً بيان رابطة مكافحة التشهير الأمريكية الذي صدر مؤخراً, وأكد أن الترويج لتفوق العرق الأبيض في أمريكا، ولاسيما مظاهر العنصرية ومناهضة السامية، تضاعفت العام الماضي مسجلة مستوى قياسياً.
كل ما يرشح عن الغضب الأسمر وإعادة إحيائه في كل جريمة قتل يذهب ضحيتها أمريكي من أصول إفريقية, يؤكد السلوك العدائي للأمريكيين أصحاب البشرة البيضاء الذين مارسوا عبر التاريخ الأمريكي, القصير, العنصرية بحق الأمريكيين أصحاب البشرة السمراء، والعديد من الفئات المشاركة في المجتمع الأمريكي، حتى أن الهنود الحمر وهم السكان الأصليين، لم يسلموا من العنصرية وعمليات الإبادة الجماعية الممنهجة ضدهم.
ما سبق يؤكد أن الكلام المنمق الذي تستخدمه الإدارات الأمريكية المتعاقبة للترويج “للمساواة والعدالة المتحققة في المجتمع الأمريكي”، ليس إلا شعارات خادعة لإخفاء الصورة القبيحة لحقيقة الولايات المتحدة المتشبعة بالعنصرية والاضطهاد والقائمة على جرائم الإبادة.