عصور الظلام
الخرافات والأساطير والساحرات كان العنوان الأبرز في ثقافة أوروبا والغرب في العصور الوسطى، ولايمكنك إلا الاستغراب بأن الشغل الشاغل للأوروبيين في تلك الفترة كان الصراع والاقتتال على العروش وتشويش عقول الناس والسيطرة عليهم واستعبادهم بدوافع الخوف والترهيب.
ولعل أسطورة “زهاتوبولك ” للفيلسوف الفرنسي بيرتراند رسل هي أصدق تعبير عن حالة أوروبا ومدى ضعفها وتأثير حضارات الأنكا عليها في تلك العصور التي يصفها الأوروبيون أنفسهم بأنها عصور الظلام ..فالخرافة كانت هي الأداة السياسية والثقافية التي تحكم بها أوروبا والخوف من الآلهة وعقابهم وتسلطهم كان البديل للديانات السماوية الصحيحة التي كان يمنع التعاطي بها ويتم تكفير وإحراق كل من يتطاول على رفض الأسطورة …
وهكذا كان على العامة الطاعة العمياء لما تتطلبه الآلهة من أمور وإن كانت لا أخلاقية أو لا إنسانية وحتى لا منطقية أي بمعنى أنها تلغي الفكر والعقل وقد نقبل أن تكون الدراما الأوروبية متأثرة بتلك الخرافات والأساطير وتتعاطى معها للمزيد من التشويق والجذب لفئات الشباب، وخاصة التي تسعى بلا تفكير وراء النموذج الأوروبي والأمريكي الذي يوحي بأنه النموذج الأفضل للسعادة والمال والشهرة ..لكن ما يثير الغرابة أن تسعى الدراما العربية وراء الخرافات وكأن كل الجهل الذي لا يزال يبسط سواده على شرائح واسعة من مجتمعاتنا العربية لايكفي! لتجد دراما تتحدث عما وراء الطبيعة والأشباح والعفاريت والغول والآلهة الغاضبة والتي تبحث عن الانتقام وماشابه من أفكار أقل ما يقال عنها أنها ظلامية وتشوش العقول وتخلخل التفكير العلمي المنطقي .
إن السموم التي تطرحها الدراما العربية تشكل خطراً كبيراً على عقلية الشباب والناشئة من خلال توجيههم إلى مسارات ظلامية تتعاطى السحر والشعوذة، في حين أننا أكثر ما نحتاج إليه دراما تضيء على حضارتنا عبر شخصيات عربية بارزة تشكل قدوة ونقطة جذب للشباب وتحضهم على العمل والفكر وتمثل الشخصية الإيجابية المشرقة القادرة على التمييز ما بين الطريق الصحيح المضيء بالفضيلة والأخلاق والإبداع وما بين دروب الشعوذة والسحر والظلام والانتقام لتحقيق الأهداف وهيهات ما بين الطريقين.