الحماية لا التغنّي..!
المستهلك.. هذا المخلوق العجيب الذي يتحمل كل ما يفرض عليه من أسعار وتبعاتها من سمسرات واحتكارات ،وتالياً يخضع صاغراً أمام أوامر السوق والمتحكمين به .
في الدول المتقدمة تتسابق الشركات لإرضاء رغبات هذا المخلوق بشتى الطرق والوسائل و أيسر الحلول الممكنة ليحصل على كل احتياجاته مهما تنوعت، على عكس مايحصل معه في بلدان ليست بذاك التطور و لا بمعرفة كيفية تأمين احتياجاته بسهولة وبأرخص الأثمان، فالتنافس الذي يلمسه ويعاني منه ذاك المستهلك مابين الأسواق والشركات والباعة هو أن الكل يتفنن ويبدع في نهبه واستغلاله، وخداعه واستنزاف أمواله ، ومن ثم الإيقاع به ليكون الضحية بالمحصلة ، فمن فرْضِ الأسعار النارية دون أي رادع إلى أساليب التفنن بالإيذاء والتصيّد ببيع السلع والمواد المغشوشة و الرديئة والمأكولات المكشوفة على الأرصفة والطرقات بلا رقابة صحية تذكر، إلى مالا نهاية له من تجاوزات جسيمة بحق المستهلك الذي لم يعد بمقدوره تحمّل فظاعة التلاعبات وحالات الاستغلال ..!
لم تطلق تسمية وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن عبث ، فمهمتها الأولى والأخيرة الدفاع عن المستهلك وتجنيبه الاستغلال وتغوّل حيتان الأسواق ،لا فقط التغني بتصريحات عابرة ،والنتيجة كما هو حاصل اليوم ، لا حماية ولا تأمين مواد واحتياجات إلا بالحدود الضيقة ..!
أظن أننا نحتاج إلى إعادة صياغة لكيفية حماية المستهلك من جديد ،وفتح مجالات بصور أكثر رحابة لتحقيق هذا الهدف بالطريقة المباشرة ،ولا ضير في التفكير الجدي بإنشاء أسواق تعاونية مثلاً ،وتعزيز الأسواق الشعبية من جديد .. أما إذا بقينا وفق النمطية القائمة فسنبقى ندور في حلقة مفرغة ومحسومة النتائج سلفاً ،ولنا في تجربة جمعية حماية المستهلك مثال ومحطة للتأمل ..!
طالت سنوات الغش والخداع والتلاعب بأسعار كوت المستهلك وآلمته ،فقط لأن التقصير واضح ،والعقوبات الناعمة هي الفيصل ،في حال تم اللجوء إليها ..!