كيف تنقلب الشخصية على نفسها؟
قليلةٌ هي المرات التي اعترض فيها كاتبٌ درامي على أداء ممثل، غالباً ما يُبدي كتّاب الدراما استياءهم من التغييرات التي يقوم بها المخرج مُتجاهلاً النص المكتوب، عدا عن إشكاليات تتعلّق بواقع الكتابة نفسها، وهي فيما لو تمت مناقشتها بشكل جدّي لغيّرت كثيراً في مسارات الدراما السورية. وعلى قلّة المعترضين وجّه أحمد قصار، أحد المشاركين في ورشة كتابة سيناريو مسلسل “الهيبة الرد” الذي يعرض حالياً عبر عدة فضائيات، رسالة من صفحته في فيسبوك، ضمّنها انتقادات إلى الفنان تيم حسن، صاحب الشخصية الرئيسية في المسلسل “جبل”.
اللافت في رأي قصار استهجانه تكرار الشخصية لعدة مفردات مثل “اسبت، ماتهكلو للهم، منتهية، فرج”، مفترضاً أن التحوّلات التي طرأت عليها كفقدان العائلة ثم العيش في الجرود بعيداً عن الناس، من شأنها إحداث تغيير في سلوكها، يصل إلى محاربتها صناعة المخدرات، ولا أدري كيف يمكن لتاجر أسلحة أن يصل فعلاً إلى قناعة نبيلة كهذه، لا سيما أن نمط الحياة الذي يعيشه، يعرّضه وعائلته للقتل على مدار اليوم، وهو ما ينطبق أيضاً على مختلف الشخصيات في بيئة العمل، شاهدناها مراراً في الأجزاء السابقة، تفقد الآباء والأبناء في معارك العصابات، من دون أن يدفعها ذلك للتراجع أو البحث عن مصدر رزق آخر، فضمان تمرير السلاح وما يتعلق به من جرائم السرقة والخطف والاحتيال وغيرها، أسلوب للعيش برأي صنّاع العمل، لذا ربما كانت استعارة المفردات السابقة طريقة تُوحي للمتابع بأن الشخصية ما زالت هي نفسها!.
وإذا ما افترضنا إمكانية حصول ذلك التبدّل كما يتحدث عنه قصار، فعلينا أن نتخيّل شخصية جديدة كليّاً، “جبل” آخر لا يشبه ذلك الذي تابعه الجمهور خلال ثلاثة أجزاء، فهو حتى في محاولته الوقوف ضد مروجي المخدرات ما زال مجرماً هارباً من القانون مدعوماً بعشرات الشباب حاملي البنادق والقنابل والسكاكين، والمستعدين للتضحية بأرواحهم دفاعاً عنه، وعلى ذلك ننتظر في الحلقات القادمة سيناريوهاً مقنعاً، يشرح لنا كيف تنقلب الشخصية على نفسها في عالم الموت المجاني، وكيف يمكن للمشاعر أن تحوّل قاتلاً إلى شهم؟.