هل يكذب التاريخ البصري ؟
هل تثقون بالتاريخ البصري الذي تعرضه الدراما عبر الأفلام والمسلسلات ؟
سؤال يحتاج إلى الكثير من التأمل لاسيما وأنت تشاهد المسلسلات التاريخية ، ليس العربية فحسب، وإنما تلك التي تصور تاريخ أوروبا وأمريكا والعالم …!
القراءة البصرية في عصر التقنيات من أسهل وأسلس القراءات فكل ما تحتاجه أن تجلس وتتابع من خلف شاشتك بالصوت والصورة والمؤثرات والإنتاج الضخم ما كان يحصل في تلك الفترات البعيدة قبل مئات السنوات .. ولعل دراما التاريخ الأوروبي التي حازت العديد من الجوائز العالمية تغريك بمتابعتها والفضول يملأ صدرك لتعرف أسرار الحضارة والتفوق العلمي والتكنولوجي ..؟!
وعلى عكس ما تتوقع.. يفاجئك ذلك التاريخ بسيطرة الشعوذة والأساطير واللهاث وراء الحكم والمال والقتل وسفك الدماء والمؤامرات والدسائس ..ولعل المسلسل الشهير الذي عرض خلال السنوات الأخيرة(لعبة العروش ) في ثمانية مواسم ويتحدث عن فترة مهمة من تاريخ أوروبا والممالك السبع والصراع فيما بينها على العروش هو الأكثر دموية وفظاعة على الإطلاق.. فلا مكان للأخلاق أو الرحمة، وإنما الأقوياء فقط يصنعون الحقائق كما يريدون وفق مصالحهم والانتقام والقتل، والحروب الطاحنة هي ما يميز ذلك التاريخ ليس فقط الجاهلي فالأمر يتعدى الجهل بمراحل وإنما الدموي الذي يعيش على الخرافة ..في بعض المقاطع لا تملك الا أن تغمض عينيك من بشاعة القتل فالحامل يبقر بطنها لأنها تحمل وريثاً للعائلة والابن يقتل أباه كي يستولي على قلعته ويرمي زوجه أبيه وابنها الرضيع كي تفترسهم الكلاب الجائعة ..والأموات الأحياء خارج السور ينتظرون الشتاء الطويل ليهجموا على القلاع وساكنيها ..وما بين الأسطورة والخيال تكتشف أن أوروبا كانت غارقة بالعتمة والدماء والفساد حتى شحمة أذنيها …وكيف أن الفقر وغياب العدالة والقوانين حوّلت الناس البسطاء إلى وحوش جائعة مستعدة للفتك بكل شيء لأجل الحصول على الذهب ..ومن هنا تبدأ القصة عندما قررت أوروبا غزو بلاد العرب طمعاً في خيراتها ولسرقة كنوزها ..تلك البشاعة ستبقى شاهدة إلى الأبد على توحش القارة الأوروبية وزيف ادعاءاتها تحت شعارات الإنسانية مقابل الرحمة والرأفة والعدالة التي لم تعرف إلا في التاريخ والحضارة العربية .
ونختم بجواب السؤال : هل يمكن الوثوق بالدراما كتاريخ بصري ؟ والجواب : رغم اختلاف وتباين الآراء إلا أن الشخصيات والقصص قد تكون غير واقعية تماماً لكن البيئة والأجواء العامة هي مستوحاة بشكل موثوق من تاريخ تلك الحقبة وعندما يكون التاريخ الأوروبي بتلك الدموية نفهم اليوم ذلك الحرص على تشويه تاريخنا فقط كي لا نقول عنهم : إنهم قتلة.!!