ضيق وقلة .. وخيار وفقوس ؟!
كلما نظرنا إلى الخلف نكتشف أن ما كنا فيه كان أفضل، فمشاكلنا تتجدد يومياً بدءاً من لقمة الخبز وإلى ما لا نهاية !
أتذكر عندما كنا نتحدث عن انخفاض الدخل، وهو كذلك حقاً، ولكن يبدو الأمر وكأنه كان أشبه بالفنتازيا قياساً بما نحن عليه الآن، حيث كان بإمكاننا شراء كيلو “اللبنة” بخمسين ليرة، تلك الخمسون التي خرجت الآن من التداول بعد رفع سعر المواصلات إلى المئة ليرة !
في كل يوم نسير باتجاه الأيام التي حدثنا عنها آباؤنا وأجدادنا، تلك التي عرفوا فيها معنى الجوع والقلة، وكيف كانوا يشكرون الله أن عاشوا تلك البحبوحة التي كنا نشتكي فيها الغلاء وقلة الدخل، ربما هنالك الكثير من الأسباب والمبررات المقنعة لما نحن فيه، فقط لو أن الحكومات المتلاحقة تتعلم التعاون مع الناس بطريقة مختلفة، وأن نعرف لماذا يحصل هذا مع كل أزمة، ومتى ستحصل أزمة في هذا المجال أو ذاك، وما هي المقترحات وكيف يعملون لمعالجتها، لأننا نضجنا ويمكن التعامل معنا بطريقة مختلفة؟
وإذا كان هذا يصنف ضمن الأسرار الخاصة بإدارة الأزمات، فإن ما لا يمكن تبريره هو استمرار الكثير من مظاهر الفساد والعنتريات وسط كل هذا البحر من الضيق والقلة، فما زال أصحاب الحظوة يحافظون على كل مزاياهم، ويعيشون وكأنهم في بلد مجاور، فما زال هنالك من يستثمر الأزمات التي يعيشها الناس ليكدس مزيداً من الأموال، كأن يعمد البعض إلى الاستيلاء على مخصصات الآلاف من البنزين لبيعها في السوق الحرة، وما زالت سيارات الدولة تُستخدم للخدمات الخاصة وهي تصرف المحروقات المجانية من الدولة! وما زالت سياسة الخيار والفقوس المقيت عبر التاريخ مستمرة في تهمش أصحاب الحقوق وإقصائهم ومنح الفرص لأشخاص لا يستحقون.
قد يقدم الكثير من الناس المبررات لأصحاب القرار لما نحن فيه من ضيق، ويعزوه لأسباب بعضها خارج عن القدرة، ولكن لا أحد يستطيع تبرير استمرار السلوكيات الاستفزازية من واسطات وفساد في زمن عزّ فيه تأمين رغيف الخبز!