حشرت الدول الأوروبية رئيس النظام التركي رجب أردوغان في الزاوية وقررت وضع حد لعربدته وتماديه في الاعتداء على حقوق مختلف الدول في البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة، فاصطفت جميعها إلى جانب اليونان وقبرص وإيطاليا, وهدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات اقتصادية شديدة تزعزع أسس الاقتصاد التركي الذي يمر أصلاً بأزمة خانقة جعلت الليرة التركية تهبط إلى أدنى المستويات.
ولم ينفع صراخ أردوغان و”عنترياته” و”تهديداته “بإغراق السفن اليونانية وحتى محو جزر يونانية بأكملها” في تراجع الموقف الأوروبي الحازم, وكلما زاد في صلفه وغروره كانت المجموعة الأوروبية تزيد من تصميمها على اتخاذ أقصى الإجراءات في مواجهة فاشية أردوغان وأطماعه المتزايدة في ثروات المتوسط والأراضي الليبية, ونبه أحمد داوود أوغلو رئس الوزراء التركي الأسبق إلى أن أردوغان يلعب بالنار ويدفع بتركيا إلى اصطدام عسكري خطير في المتوسط ستكون عواقبه وخيمة.
ومجدداً عاد رئيس النظام التركي إلى أوراقه القديمة ورفع بوجه الدول الأوربية ورقة التهديد “بإغراق أوروبا باللاجئين” عبر اليونان وهي ورقة ابتزاز مالي وسياسي أوجدها بالأصل نظام أردوغان في سياق دوره الأبرز في دعم وتشغيل الإرهاب, والآن يعود لاستخدامها بعد أن حصل من خلالها على مليارات الدولارات ولا يزال يأمل أن تكون أداة فعالة لتخويف أوروبا وإجبارها على التراجع عن مواقفها المتضامنة مع اليونان وقبرص ما يفسح له في المجال للاستمرار في سرقة نفط وغاز المتوسط.
ولا يكتفي أردوغان بمطالبته بالنفط والغاز في المتوسط وإنما تعدى ذلك في الآونة الأخيرة إلى المطالبة المتكررة “بالوطن الأزرق” أي الحدود السابقة للسلطنة العثمانية سواء في البحر أم في البر وتشمل شواطئ شمال إفريقيا واليونان وقبرص وبحر إيجة والبلقان, وشعاره المعلن الجديد أن “حدود إمبراطوريته” حيث كان يوجد الأتراك أو العثمانيون, ويعتبر أن “وجود مليون ليبي من أصول تركية كاف للسيطرة على ليبيا”!
ومن الوهم الاعتقاد أن أردوغان يغنّي هذا الموال من رأسه أو من “عندياته” وأن ما يقوم به من اعتداءات أو تدخلات عسكرية احتلالية سافرة في العراق وسورية وليبيا والصومال والبحر الأحمر مروراً بإرسال قوات لمساعدة أذربيجان ضد أرمينيا وقبلها إرسال قوات إلى قطر يمكن أن يتم من دون الرضا الأمريكي وأن إدارة ترامب على عكس ما يطفو على السطح أحياناً من توترات مع أردوغان راضية عن النظام التركي الذي كان ولا يزال رأس الحربة في مشاريعها الإرهابية في مناطق متعددة من العالم.
tu.saqr@gmail.com