سلع درامية فاسدة

قد يتوهم بعضنا أن السلع الغذائية، والطبية، وحدها السلع التي يجب أن تتوافر فيها مواصفات محددة، وأن الجهات الصحية والتموينية تقوم بمصادرة تلك السلع إن ثبت فيها أي خلل بمكوناتها، كما قد “تخالف ” المنشآت التي تنتجها. وهي تقوم بالمخالفة والمصادرة من باب حرصها على صحة المواطنين الجسدية، وأكثر ما تتشدد في السلع المنتهية صلاحيتها. لكن ماذا عن السلع الدرامية (تلفزيونياً، وسينمائياً، ومسرحياً)؟..
غالباً ما تعاني السلع الدرامية من خلل في مقوماتها الفكرية، فتمسي ذات مردود مؤذٍ على صحة الإنسان المستهلك لها، وهنا لا صفة سلبية لكلمة الاستهلاك، كما قد يظن بعض القراء. لكن هذه السلع مع الأسف لا تواجَه رداءة مواصفاتها سوى من قبل لجان القراءة والإجازة بتنفيذها، وهي لجان لا تتوازى بمستواها إذ يحتاج بعض أعضائها لمن يقوّم عملهم، فهم بالأغلب الأعم يوافقون على إجازة تنفيذ السلع الدرامية المقدمة لإجازة تنفيذها، وفي ظنهم أنها جيدة، يوافقون عليها وفق مستويات وعيهم الفكري والفني.
وكي لايبقى كلامنا بالعموم نشير إلى أن أية سلعة درامية لا تزال تُحشد من قبل صانعيها بالإيديولوجيا، والشعارات، هي سلعة لا صلاحية لها أساساً، ومؤذية أيضاً، يجب منع عرضها. وكل سلعة تشوّه مرحلة تاريخية ما، بقصد أو دون قصد، يجب منع عرضها، لأن بعضهم يقدمون نصاً وينفذّون آخر. وكل سلعة لا تزال تنتهج الكوميديا الحركية واللفظية وتطلق النكات كيفما اتفق، هي سلعة كوميدية بائسة ومضرة بالذوق العام، لأنها لا تهدف لكشف عيوب المجتمع، فيجب منع عرضها أيضاً. وكل سلعة عناصرها الدرامية غير مقنعة بأحداثها وأفعال شخصياتها وحواراتها، يجب أيضاً منع عرضها.
لكننا في مجال الإبداع عموماً والدراما خصوصاً لا يمكن تنفيذ ذلك وإلاّ توقف معظم الإنتاج، ولا يبقى سوى المجال النقدي والصحفي لتعرية تلك السلع التي تجهد مقارباتنا النقدية لأن تقوّم تلك الأعمال، لكن فائدتها ليست كبيرة، لأن ثمة مشكلة تتجسد بإهمال الجهات المُنتجة لتلك السلع في القطاعين العام والخاص، لما يكتب من مقالات حول الأعمال التي تنتجها، بدليل أنها ما زالت تفسح المجال لأشخاص محددين، أعمالهم باذخة الرداءة، وتواظب على إقصاء الكتّاب والمخرجين الذين يتقنون أعمالهم ويقدمون سلعاً تزداد نضارة مع كل عرض، وتسهم بتنوير المشاهدين ورفع ذائقتهم!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار