القصيدة المستمرة

ربما من نافل القول : إن الكثير من (الآخرين)؛ سبقونا في العديد من المجالات الإبداعية، ففي السينما والمسرح على سبيل المثال، أمست اليوم بيننا وبينهم المسافات، الطويلة، وحتى في الرواية وأنواع الفنون البصرية..
وما أقصده ب”الآخر”؛ الآخر غير العربي لاسيما في الغرب واليابان، لكن هل يعني ذلك، ولأنّ هذا الآخر مٌتقدم علميّاً، وتكنولوجياً؛ كان لديه أيضاً مُعادله الإبداعي المتفوق ؟؟!!
والجواب : أبداً.. ليس الأمر كذلك، فثمة مثال آخر، وهو هذه المرة من أمريكا اللاتينية التي تُشبه العالم العربي في كلِّ شيء، ومع ذلك لديها مجالها الإبداعي في الرواية على وجه التحديد؛ تفوقت من خلالها على الرواية المُنتجة في مُختلف أنحاء العالم، وهنا يُمكن أن نضيف لهؤلاء الأمريكيين الجنوبيين تفوقهم في الرياضة – وإن كان ليس هنا مجال الحديث عنها – لاسيما لعبة كرة القدم..
هل يعني أن العرب؛ ليس لديهم إبداع تفوقوا فيه على العالم؟؟ والجواب : بلى لديهم؛ وهو الشعر.. فالعرب حقيقة، هم “أمة الشعر” والشعرُ عندهم أصيل، وليس وافداً كما الرواية التي هي “بنت الغرب” وكذلك المسرح والسينما والفنون التشكيلية؛ فهذه كلها فنون منقولة إلينا.. لكن ليس بكل أنواعها، فالنحت والعمارة؛ هي فنون أصيلة في العالم العربي القديم، لاسيما في المناطق التي شهدت عراقة حضارية لاتزال شواهدها حاضرة في الكثير من الأهرامات في مصر، وأعمدة تدمر في سورية، وبابل في العراق..
غير أن العمارة والنحت، – للأسف – لم تبقَ إبداعاتٍ مستمرة، فقد حكمت على هذه الحضارة غزوات دينية ومثولوجية؛ فكان أن توقفت لدرجة النسيان، ومن ثم كان أن سبقنا الآخرون في التنويع بجمالياتها..
وحدها القصيدة العربية بقيت في خطها البياني المُتصاعد، ومن هنا نحن مع الناقد والمُترجم أحمد م أحمد، في اندهاشه من بعض الشعراء عندما يُراعون في كتاباتهم العربية، أن تكون تلك الكتابات (موافقة) للمعايير الكتابية الأوروبية والأميركية، وبالتالي (مفهومة) لدى مترجمٍ أوروبي أو أميركي محتَمل.
ويؤكد: “لديّ من القراءات للشعر الأوروبي والأميركي ما يدفعني للقول: أنتم، أيها الشعراء العرب، أشعر منهم.” ويُضيف: وبالنسبة إليّ، لا أكتب وفي ذهني السؤال إن كانت هذه العبارة قابلة للترجمة أم لا، ولا يهمني إن تُرجمت خربشاتي أم لم تُترجَم..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار