منذ مصرع الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد تحت ركبة أحد رجال الشرطة الأمريكيين قبل أشهر قليلة، لم تهدأ نار الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في العديد من الولايات الأمريكية والتي أطلقت عليها الصحافة العالمية تسمية “الثورة السوداء” وجاءت الذكرى الخمسين لخطاب داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كنغ لتشعل غضباً عارماً بوجه إدارة الرئيس دونالد ترامب التي كانت وراء تأجيج التمييز العنصري وإذكاء مشاعر الكراهية منذ وصوله إلى البيت الأبيض ضد المسلمين والأقليات العرقية وأي أمريكي من أصول إفريقية أو آسيوية أو من أمريكا اللاتينية.
وفي المكان نفسه الذي ألقى فيه مارتن لوثر كنغ خطابه التاريخي في واشنطن عام 1963 تجمع عشرات الآلاف من مختلف الأجيال والأعراق وذلك إحياء لذكرى ذلك الخطاب واستعادة للحلم الكبير الذي عبر عنه كنغ قبل نصف قرن من الزمن بمقولته الشهيرة “لديّ حلم” في ذروة حملة الحقوق المدنية التي طالبت بالمساواة بين المواطنين, ومعروف أنه شارك آنذاك في المسيرة أميركيون من الشباب والكبار والسود والبيض وكثير من الأطفال الصغار وهم يهتفون “وظائف لا سجون” و”تريفون مارتن”.
وتعود عبارة كنغ الشهيرة “لديّ حلم” التي أطلقها منذ نصف قرن لتهز أركان النظام الأمريكي الذي تنخره عنصرية ترامب المتوحشة وهي تواصل ممارسة أبشع أنواع التفرقة العنصرية بما فيها إطلاق يد الشرطة الأمريكية بقتل الملونين وخنقهم تحت الرُّكب من دون أي مساءلة أو حساب ما حول الكثير من الولايات إلى ساحات مواجهة تنبئ بوقوع حرب أهلية وشيكة على مستوى الولايات الأمريكية كلها وتهدد بتفكك الولايات المتحدة وأفول العصر الأمريكي وزوال أحادية القطب.
وليس هذا من باب التخمين أو التمنيات وإنما من باب الواقع الأمريكي العنصري الوحشي الذي أججته إدارة ترامب ومازالت ماضية به من خلال أعمال القتل بالرصاص الحي والقمع والاضطهاد والتمييز العرقي في الوظائف والصحة وجميع التعاملات اليومية التي فاقت ما كان يقوم به نظام “الأبارتيد” في جنوب إفريقيا, وما تمارسه إدارة ترامب من فرض عقوبات وحشية بالجملة وإرهاب اقتصادي مفتوح ضد دول وشعوب بعينها هو وجه آخر قبيح لسياسة “الأبارتيد” في داخل الولايات المتحدة التي مصيرها السقوط لا محالة .