ترامب وحيداً
في أول خطوة جادة من الاتحاد الأوروبي على طريق الاستقلال الاستراتيجي عن واشنطن، بدأت شركات السلاح الأوروبية بالتخلي عن التكنولوجيا العسكرية الأمريكية في تصنيع أسلحتها، في إشارة واضحة إلى أن دول الاتحاد بدأت أخيراً بتطوير القدرة الذاتية على الحرب بعيداً عن واشنطن وهيمنتها على النظام العالمي.
التحرك الأوروبي بعيداً عن واشنطن، دشنته كل من ألمانيا وفرنسا عبر قيام شركات السلاح في كلا البلدين بتصنيع الأسلحة من دون مكونات أمريكية، وذلك في إطار سعي البلدين الأوروبيين لتطوير مهاراتهما العسكرية وتطبيق ذلك على مستوى الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل تزايد الدعوات للاتحاد لكي يتولى مسؤولية دفاعه الخاص ويطور القدرات خارج حلف “ناتو” الخاضع لهيمنة ساكن البيت الأبيض.
الهدف من التحرك الأوروبي الذي جاء متأخراً، ليس فقط تجنب قيود التصدير التي فرضتها أنظمة التجارة الدولية في الأسلحة التي قدمتها واشنطن عام 1976ومكنتها من استخدام القيود للتحكم في سياسة تصدير الأسلحة من دول الاتحاد الأوروبي. الأمر الذي دفع العديد من تلك الدول لبذل الكثير من الجهد للحصول على تصريح خاص في واشنطن لتصدير أسلحتها، وإنما لتحقيق الاستقلال الذاتي الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، ما يعني القدرة على شن الحرب بشكل مستقل، ربما ضد إرادة واشنطن.
ناهيك عن الخلافات الحادة التجارية والأمنية بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، والتي مثلت وللمرة الأولى تهديداً كبيراً أمام التحالف، في الوقت الذي ترى فيه الدول الفاعلة في “الأوروبي” أن إدارة ترامب تعمل بكل جهدها على تفكيك منظومة التحالفات الراسخة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن.
فمنذ أن أعلن ترامب وفاة النظام العالمي لصالح شعار “أمريكا أولاً” وهو يواصل تدمير التحالفات القديمة والمنظمات الدولية وقواعد الاحترام المتبادل.
واقع الحال الذي جعل حلفاء واشنطن الأوروبيين يفقدون أي أمل بجدوى التعاون مع ترامب، ويبحثون في صياغة إستراتيجية لتشكيل تحالف دولي جديد متعدد الأقطاب يركز على التعاون الوثيق بين أعضائه في السياسة الخارجية والتجارة الحرة، ويتصدى عالمياً للسياسات القومية الانعزالية لترامب، خاصة بعد وصفه حلف “ناتو” بالعدو وتهديده بالانسحاب منه في حال فوزه بولاية رئاسية ثانية.