الحالة المأمولة من التشاركية «المزعومة» بين القطاعين العام والخاص لم تتبلور رؤاها وبرامجها بعد، ولم تضع أي لبنات أولية برؤية مشاريع مشتركة تنعكس حالة تنموية مشجعة ترفع من وتيرة النمو الاقتصادي.
الحكومة جادة عبر توالي تصريحاتها المتواترة (ليل نهار) وصيحاتها إلى أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب الملاءات الضخمة من القطاع الخاص، بضرورة الخوض في غمار حركة إنتاجية استثمارية تصحح الاعوجاج الحاصل بسبب العديد من التشوهات الإنتاجية والتعثرات على صعيد سير العمل.
فالاقتصاد ليس بتلك الصورة الوردية، وكل الإجراءات والمساعي لم تصل بعد إلى الواقع الذي يبعث الرضا والقبول بنجاعة التدخلات الرسمية حتى الآن، فهناك الكثير من الهنات والإشكالات العالقة ببعض مفاصل ودوائر الإنتاج والاستثمار، وكل جهة سواء عامة أو خاصة تعمل بمفردها، في وقت تشير نياتها إلى إمكانية وفائدة التشارك بين الطرفين لإكمال مسير العمل معاً، لكن لم يصل هذا التعاون بعد إلى مستوى التطمينات التي تخرج للعلن بين فترة وأخرى.
إن الاقتصاد الوطني اعتماده الكلي الآن على تحقيق العوائد المتأتية من الضرائب والرسوم لتمويل خزينتها، بعد أن كانت تعتمد نوعاً ما على ما يأتي من الاستثمارات الداخلية والخارجية، وهذا المرفق تأثر كثيراً خلال سنوات الحرب، فتراجعت العوائد الاستثمارية لدرجة حادة جداً، والتراجع في حال استمراره سيترك خطورة على المدى المنظور على نمو الاقتصاد وانتعاشه، وربما يعرضه إلى ثقل كبير وعدم المواءمة أبداً بين الاحتياج والمتاح، وبقاء الحال من حيث الوهن الاقتصادي وربما المرض والسقم..!
اقتصاد يحتاج حصول طفرات إنتاجية واستثمارية كبرى قوامها دخول رجال أعمال ومقدرات مالية ضمن محددات واضحة ومشروطة، مع تسهيلات أكثر مرونة وسهولة وصولاً إلى تنفيذ مشاريع ناجحة تعود بالنفع على الجميع، الواقع يشي بصورة قاتمة، فعندما تسمع كلاماً من رجال أعمال ومستثمرين تلحظ مدى الجفاء الحاصل فعلاً، فالكل في حالة شكوى وتذرع بأن تسهيلات الحكومة ليست كافية، والمرحلة تتطلب المزيد من المرونة من جانب الإدارة المعنية بإعطاء تسهيلات وتطمينات أشمل.