ثقافة الرفض

يكاد لا يخلو يوم إلا ونسمع فيه تصريحات حكومية عن التهريب ومكافحته، ومحاربة القائمين عليه، والمنفذين له، صغاراً أم كباراً، وهذا الأمر ليس وليد أيامنا هذه بل لعقود مضت، وفي زمن حكومات تعاقبت عليه، من دون أن تفعل معه شيئاً في زمن الرخاء، ولا حتى أيام الحرب، لأن الدعوة لمحاربته لم تكتمل بعد، وهذه الحكومات تناست أهم مكون في عملية المكافحة ألا وهو (المواطن) الذي لم تبنِ عليه، ولم تغذِ فيه ثقافة الرفض لكل ما هو مخالف للمكون الإنتاجي المحلي وذلك على مر العقود الماضية وحتى الحالية.!
لذلك نجد كل المتناقضات في هذه الدعوات، والأهم أنه كلما زاد الصراخ بالمكافحة، تجد انسياباً واسعاً للسلع والبضائع المهربة في أسواقنا المحلية، وهذه المسألة لا تحتاج لكثير من البراهين، فكل الأسواق متشابهة بها، أينما التفت تجدها وبسهولة..!
لذلك حجم الصراخ يبقى ضمن حدوده لاعتبارات عدة أهمها: ثقافة التهريب تعززها ثقافة الحاجة، وهذه يفرضها عدد كبير من التجار، ومن يتعاون معهم من أهل الخبرة في بعض مفاصل الجهات العامة، وخاصة الرقابية منها، والمعنية بحماية ثلاثية مهمة جداً (المواطن- المنتج المحلي- السوق) لفرض معادلة البقاء للمنتج الوطني مهما كانت الأسباب والنتائج، وحتى هذه مازالت تشهد ولادة متعثرة، لأن مكونات نضوجها لم تكتمل، ومن يعمل لذلك المنتفعون من التجار ومن يلف لفهم من بعض الصناعيين الذين امتهنوا التجارة، وأخص تجارة التهريب، مستخدمين وسائل مخالفة لإعادة طرح المنتج في السوق على أنه صناعة وطنية بامتياز، في وقت انشغلت فيه الدولة وأجهزتها في مكافحة الإرهاب وأهله، مستغلين بذلك ظروف الحرب والحصار والحاجة.!؟
ومن ثمّ فإن اهتمام الحكومة والحملة التي شنتها على مكون التهريب يبقى ضمن إدارة الإجراءات، والقرارات المكثفة، ما لم تأخذ في الحسبان، المكون الأساس في عملية المكافحة (المواطن) والعمل على ترسيخ ثقافة الرفض للمنتج المهرب وحتى المستورد بشكل نظامي وتكريس المنتج المحلي، وتالياً تكون أولى خطوات المكافحة ترجمت بصورتها الصحيحة وغير ذلك يبقى في عالم الأحلام والتمني ..!؟
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
السفير آلا: سورية تتطلع إلى قرار عربي يرقى إلى مستوى الوضع الخطير في لبنان جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل عليه وزير الإدارة المحلية يتابع سير البرامج المشتركة مع برنامج  الأمم المتحدة الإنمائي وسبل تطوير التعاون صندوق "الجفاف" يوافق على صرف 4 مليارات ليرة لأكثر من 9700 مزارع متضرر وزيرة الشؤون تبحث مع ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان علاقات التعاون القائمة وسبل تطويرها دورة السلامة المهنية تختتم أعمالها.. رئيس اتحاد الصحفيين: ضمان أمن وسلامة الصحفي مهم في التغطية الميدانية لفتح حسابات للمواطنين.. التجاري يخصص فرقاً جوالة في القرى والنواحي التي لا توجد فيها فروع له قانون العاملين الأساسي بيئة للتجاوز والمخالفات .. بانتظار استصدار قوانين وأنظمة تتيح حرية الإبداع والابتكار والمبادرة على مستوى الأفراد والمؤسسات الكيان مُجبر على السير إلى هزيمة كاملة في الجنوب.. المقاومة طرف حاكم ومسيطر براً.. ‏واشنطن تتحدث عن مصالحها المهددة في المنطقة فكيف ستدير التصعيد مع إيران هذه المرة؟ جمعية الألبان والأجبان تطالب بنشرة أسبوعية أسوة بالخضار والفروج.. السواس: الشتاء سيكسر الجمود بإقبال المواطنين على الحليب ومشتقاته آخر خط المضاربة و«المقامرة».. قطاع التطوير العقاري ينصاع لنواظم هيئة احترافية.. لايقة لـ«تشرين»: محددات ومعيار التعاطي مع شركات التطوير الجديدة وفق مؤشرات الجذب على الأرض وفي ميدان التنفيذ