«اندبندنت»: المقياس الخاطئ في توصيف «الحرب الشاملة»
تشرين:
في تصنيف «الحرب» الدائرة بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة اللبنانية/حزب الله، هل هي حرب أم لا، وهل هي شاملة أم لا؟ نشرت صحيفة «اندبندت» البريطانية مقالاً للمحل العسكري في «كينجز كوليدج لندن» لاندرياس كريغ قال فيه: لو أخبرني أحد، أو أخبرني معظم المحللين في صيف عام 2023 بأن حزب الله يضرب قواعد في «إسرائيل»، وأن «إسرائيل» تضرب جنوب لبنان وأجزاء من بيروت، لكنت قلت: هذه حرب شاملة.
ويضيف كريغ: مع ذلك فإن أي أحد (وكذلك حزب الله والكيان الإسرائيلي) لم يطلق مصطلح الحرب بعد على ما يحدث لأنه «لم يكن هناك أي قوات على الأرض» ولكن قد يكون هذا «مقياساً خاطئاً».
يعرف قاموس «ميريام وبستر» الحرب بأنها «حالة من الصراع المسلح العدائي المفتوح والمعلن عادة بين الدول أو الأمم»، وقد يوسع المختصون التعريف لتغطية العنف الواسع النطاق والذي يشمل المتمردين والميليشيات والجماعات المتطرفة، حسب ما أوردت الصحيفة البريطانية.
ويتابع الكاتب (الذي قال إن صحفيين يعملون في المنطقة ساهموا في معلومات مقاله): إن «إسرائيل» أعلنت الحرب رسمياً على قطاع غزة بعد هجوم حركة حماس (عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي)، لكنها لم تفعل المثل فيما يخص حزب الله، بل ربطته بحرب غزة والعمل على إعادة المستوطنين إلى الشمال (بعدما أجبرتهم عمليات المقاومة اللبنانية على النزوح على مبدأ المعاملة بالمثل، فكما يُهجر الكيان الإسرائيلي الفلسطينيين فإن المستوطنين سيكونون محكومين أيضاً بالمصير ذاته، ولا عودة لهم حتى وقف الحرب على قطاع غزة وعودة الفلسطينيين آمنين إلى مناطقهم وبيوتهم، وهو ما تؤكده المقاومة بصورة دائمة).
ويضيف الكاتب: إن الدول تمتنع غالباً عن إعلان الحرب حتى عندما تكون منخرطة بشكل واضح في حرب.. فروسيا تشير رسمياً إلى حرب أوكرانيا باعتبارها (عملية عسكرية خاصة)، وحظرت الإشارة إليها علناً باعتبارها حرباً، ولم تعلن الولايات المتحدة الحرب رسمياً منذ الحرب العالمية الثانية، حتى مع مشاركتها في صراعات كبرى في كوريا وفيتنام والعراق وأفغانستان.
ويرى الكاتب أن جزءاً من السبب وراء عدم استخدام «إسرائيل» وحزب الله كلمة حرب، هو أن كلاً منهما يأمل في تحقيق أهدافه من دون إشعال صراع أكثر حدة «أو تحمل اللوم على إشعاله». (وفي الحقيقة أن الكيان الإسرائيلي هو من يعمل على إشعال حرب أوسع وجر الجميع إليها لتعويض هزيمته في قطاع غزة، ويريد أن يكون الطرف الآخر، أو أي طرف، هو من يبدؤها حتى لا يتحمل هو اللوم والعواقب).
ويتابع الكاتب: إن أي قرار إسرائيلي بإرسال دبابات وقوات إلى جنوب لبنان من شأنه أن يشكل تصعيداً كبيراً ويدفع الكثيرين إلى تصنيف الصراع على أنه حرب.
وحتى وقت قريب «كان الخبراء يتفقون عموماً على أن أي حرب مستقبلية بين إسرائيل وحزب الله سوف تبدو مثل حرب تموز 2006 ــ لكنها هذه المرة أسوأ كثيراً. وعلى مدى سنوات عديدة حذر مسؤولون إسرائيليون من أن أي حرب مستقبلية مع حزب الله سوف تفرض على لبنان نفسه ثمناً باهظاً، بينما يُعتقد أن حزب الله يمتلك نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة قادرة على ضرب كل أنحاء إسرائيل»، حسب الصحيفة البريطانية.
ويختم الكاتب مقاله قائلاً: في الواقع أن «إسرائيل» ولبنان في حالة حرب رسمياً بالفعل، وهما كذلك منذ عام 1948 (العام الذي تم فيه دولياً تشريع اغتصاب فلسطين وتهجير أهلها وإقامة الكيان الإسرائيلي ولتبقى المنطقة نهباً للاضطرابات والحروب التي تستدعيها أميركا في سبيل حماية هذا الكيان).