دبلوماسية ميدان المقاومة الأبلغ والأشد تأثيراً في مواجهة «ترهات» السياسة.. حركة مكوكية ‏لبحث أمن الاحتلال.. مخزون حزب الله كافٍ للاستنزاف.. والكيان بلا إستراتيجية

تشرين-هبا علي أحمد: ‏

والآن.. بعد أن اتضحت الصورة بشكل أكبر وأوسع، وبعد الهمجية الصهيونية بشن أوسع ‏هجوم جوي على لبنان منذ 1982، هل من يُصدق أن أمريكا تبحث لخفض التصعيد أم إنها ‏تدفع تدريجياً باتجاه الحرب؟.. صحيح أنه ليس من الواضح شكل هذه الحرب ومداها ونطاقها، ‏أي لناحية التوسع أو لناحية حصرها ضمن النطاق اللبناني، لكن الضوء الأخضر الأمريكي ‏جاهز دائماً في يد كيان الاحتلال، والحرب أيّما يكون شكلها، واسعة أم محصورة في نطاق ‏جغرافي محدد، برّية أم جويّة، فهي قائمة وواقعة، والضوء الأخضر الأمريكي – المربوط ‏بالانتخابات ورفع حظوظ المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس- تبعه إرسال قوات أمريكية ‏إضافية إلى الشرق الأوسط، توازيها حركة دبلوماسية نشطة فرنسية، تركية وقطرية تولي ‏وجهها شطر لبنان وكأنه المعني الوحيد والمُتسبب بما آلت إليه الأوضاع الراهنة، وبالتالي ‏فصل جبهة لبنان عن غزة كشرط لإيقاف العدوان الإسرائيلي على لبنان، أما كيان الاحتلال فلا ‏داعي لإشغاله بـ«الترهات» الدبلوماسية ولينصرف إلى تقديم مستجدات صور الإبادة المنقولة ‏راهناً إلى لبنان.‏
‏..وعموماً تأتي هذه التحركات لبحث أمن كيان الاحتلال ولاسيما مع تطور القصف المتبادل، ‏مع يقين لدى الجميع أن لا شيء يُمكن أن يثني عزيمة المقاومة اللبنانية/ حزب الله في سياق ‏الصراع مع العدو، ومع يقين أنه مهما بلغت ذروة همجية العدو الإسرائيلي فإن لضربات ‏الحزب من القوة والوقع والإيلام ما لا يمكن للعدو تجاوزه أو التستر عليه ولاسيما في الشق ‏الاقتصادي، أما في شق عودة المستوطنين إلى الشمال فباتت أبعد ما يُمكن أن يتخيله أحد ‏وتأتي هذه التحركات لبحث آخر الفرص التي تمكن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ‏من تحقيق «أهدافه» أقلّه حفظاً لماء وجهه، وليس مستبعداً تسهيل الوضع أمام الكيان للقيام ‏بعملية برّية وإقامة «منطقة عازلة» لكن من ينقذ الكيان من التداعيات؟.. ‏

بعد الهمجية الصهيونية بشن أوسع هجوم جوي على لبنان هل من يُصدق أنّ أمريكا تبحث ‏عن خفض التصعيد أم إنها تدفع تدريجياً باتجاه الحرب؟

يأتي ذلك مجمله في سياق المساعي لتحييد العدوان على غزة وإفساح المجال للكيان بتحقيق ‏مخططه بعيداً عن الأضواء وبعد تهدئة الوضع برمته يتم التفاوض على الوضع الذي أرساه ‏الكيان، هذا هو الهدف والمقصد.‏

دبلوماسية الميدان
الرد الدبلوماسي لحزب الله دائماً ما يأتي في الميدان حيث الكلمة تكون أبلغ وأصدق وأشد ‏تأثيراً، ولاسيما أن جميع الاصطفافات باتت واضحة وبشدة بحيث باتت دبلوماسية السياسة ‏تتولاها التصريحات المجردة من الأفعال.. دبلوماسية الميدان شلّت اقتصاد العدو وغيّرت وجه ‏المعركة وأدخلت نحو مليوني مستوطن إلى الملاجئ، وملايين آخرين في مهداف النار ودفعت ‏وسائل إعلامه إلى اعترافات (سنأتي على ذكرها لاحقاً) ودبلوماسية الميدان قادرة على ‏استنزاف العدو إلى أبعد درجة ممكنة، لأنها أساساً قائمة على عقيدة المواجهة مهما بلغت ‏الخسائر والتداعيات ودرجة التصعيد المقبل واللحظي، فلن تكون بأي حال كما على كيان ‏الاحتلال.. كما أن الدبلوماسية ذاتها متيقظة تماماً لما يجري على أرض الواقع من حيث ‏التصريحات المزدحمة حول منع الحرب المفتوحة وأنها ليست الهدف ولكنها بالحقيقة إفساح ‏مجال للكيان لارتكاب أكبر قدر ممكن من الجرائم أملاً في التأثير على بيئة المقاومة.‏

دبلوماسية الميدان لدى المقاومة شلّت اقتصاد العدو وغيّرت وجه المعركة وأدخلت مليوني ‏مستوطن الملاجئ وملايين آخرين في مهداف النار

وأعلنت المقاومة اللبنانية استهدافها مستوطنة «كريات شمونة» والمخازن اللوجستية للفرقة ‌‏‌‏146 في قاعدة «نفتالي»، شمالي فلسطين المحتلة، بصليات من الصواريخ، دعماً للشعب ‏الفلسطيني في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته، ودفاعاً عن لبنان وشعبه.‏
وفي عمليات أخرى، استهدف حزب الله مطار «مجيدو» العسكري، غربي العفولة 3 مرات، ‏بصليات من صواريخ «فادي 1» و«فادي 2» كما استهدف قاعدة «عاموس» (القاعدة ‌‏الرئيسة للنقل والدعم اللوجستي للمنطقة الشمالية) بصلية من صواريخ «فادي 1»، ومطار ‌‏«رامات دافيد» ومصنعاً للمواد المتفجرة ‏في منطقة زخرون، بصليتين من صواريخ «فادي ‌‏2».‏
وأقرّت وسائل إعلام العدو بسقوط عدد من الجرحى، حيث وصل 9 جرحى إلى مركز الجليل ‏الطبي، بينما أعلن مركز «عيمك» الطبي وصول 5 مصابين إليه، ومستشفى «رمبام» ‏استقبال 7 آخرين.‏

على الرغم من الضربات التي وجهناها إلى حزب الله هل تمّ القضاء عليه، وهل سيستسلم؟ ‏الجواب هو لا

ماذا قالوا؟
رغم استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان بقصف بلدات جنوبية وبقاعية، ورغم الدعم ‏الأمريكي اللامحدود، وبالتالي عدم معرفة إلى أي مدى تصل وتمتد المواجهة، يجمع المحللون ‏على أن العدو الإسرائيلي يكرر أخطاء عام 2006بالقراءات والتوقعات، وعليه لا بدّ من ‏تكرار النتائج، من حيث عدم استسلام الحزب والهزيمة المُرّة للعدو، حتى وسائل إعلامه ‏تساءلت وأقرت بالحقيقة، قائلة: رغم الضربات التي وجهناها إلى حزب الله هل تمّ القضاء ‏عليه، وهل سيستسلم؟ ‏
الجواب هو لا، مضيفة: في حزب الله يحسبون أفعالهم ويفحصون وجهة الأمور وردوده في ‏الطريق على الرغم من التأخير، و المعركة ستكون طويلة ومعقدة، والحزب سيكون قادراً على ‏الاستمرار في الاستنزاف، في حين أن الرأي العام الإسرائيلي لم يعد مستعداً لتحمل ديناميكية ‏حرب استنزاف ليس له فيها أي أفق أمل.‏
وأكدت صحيفة «إسرائيل هيوم» الإسرائيلية أنّ المعركة ضدّ حزب الله «طويلة ومعقدة» ‏مشددةً أن «إسرائيل» لا تزال تعمل من دون إستراتيجية في وجه حزب الله، أما الحزب، ‏فتركز إستراتيجيته على«محاولة المحافظة على زخم الاستنزاف، بحيث يمكن أن يبقى في ‏يديه، حتى لو عمل الجيش الإسرائيلي براً وتموضع عند الليطاني، وكل ما يحتاج إليه حزب ‏الله للحفاظ على حالة الاستنزاف هذه هو مخزون كبير بما فيه الكفاية من الصواريخ والقذائف ‏الصاروخية والطائرات المسيّرة، وهو ما يمتلكه بالفعل، والاستمرار في إطلاقها نحو ‏إسرائيل».‏

الاعتقاد بأن يقوم نصر الله بـ«رفع الراية البيضاء» يمثّل خطأً جوهرياً وكل ما يحتاج إليه ‏للحفاظ على حالة الاستنزاف مخزون كبير من الصواريخ والقذائف و المسيّرات وهو ما ‏يمتلكه بالفعل

إلى ذلك، أكدت القناة الـ12 امتلاك حزب الله قدرات ضخمة، راكمها منذ عام 2006، ولم ‏يفعّلها بعد، لافتة إلى أنه على الجمهور أن يعرف ذلك ويلائم توقعاته، ويعرف كيف عليه ‏الانضباط إذا رفع حزب الله درجة التصعيد، كما تفعل «إسرائيل».. في حين حذّر المتحدث ‏السابق باسم جيش الاحتلال، العميد في الاحتياط، رونين منليس، من إقدام «إسرائيل» على ‏شنّ عدوان بري على لبنان، مؤكداً أنّ الدخول البري هو أكبر حلم للأمين العام لحزب الله، ‏حسن نصر الله، مضيفاً: الاعتقاد الإسرائيلي بأن يقوم نصر الله بـ«رفع الراية البيضاء» يمثّل ‏خطأً جوهرياً، مؤكداً أنّنا نرى كل يوم أموراً لا نتوقعها من حزب الله، وأنّ الأحداث جرت من ‏دون تفكير مسبق.‏
قائد «الدفاع الجوي» السابق في جيش الاحتلال العميد تسفيكا حايموفيتش، يؤكد أنّه لا يوافق ‏على تقدير الجيش أنه تم تدمير 50% من صواريخ حزب الله، مضيفاً: لحزب الله قدرات ‏إطلاق لا نهائية، ولا تنضب، وما شهدناه في اليومين الماضيين لا يقترب مما يمتلكه حزب الله ‏من قدرات، ومما يستطيع فعله، في حين قال العميد المتقاعد أساف أوريون: إذا اندلعت حرب ‏واسعة النطاق مع حزب الله فلن تكون سهلة بأي حال من الأحوال ولا مفر من أننا سنتعرض ‏لخسائر.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت مركز المصالحة الروسي يُقدم مساعدات طبيّة وصحيّة لمصلحة المركز الصحي في حطلة القوات الروسية تحسن تموضعها على عدة محاور.. وبيسكوف: المواجهة الحالية يثيرها الغرب