رئاسيات أميركا.. المنطقة بأحداثها الأخطر تغيب عن ساحة المرشحين.. الجمهوريون يشدون الأحزمة: المزاج العام يتحول باتجاه هاريس
تشرين:
تستمر حالة التصعيد الأخطر، التي تشهدها المنطقة مؤخراً «وذلك منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 8 تشرين الأول الماضي»، تستمر في استقطاب كامل التركيز الدولي، بعيداً عن سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية، وينسحب ذلك على الولايات المتحدة نفسها بطبيعة الحال باعتبارها في قلب هذا التصعيد، حيث أعطت الكيان الإسرائيلي موافقة مفتوحة على دحرجة هذا التصعيد إلى مستوياته الأخطر وبما يخالف كل التصريحات الأميركية التي تزعم بأن واشنطن تعمل على التهدئة ومنع الحرب الموسعة.
المفارقة هنا في غياب هذا التصعيد عن ساحة المرشحين، إذ لا نكاد نسمع تصريحاً بارزاً منهم، رغم أن المنطقة ملف رئيسي في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية، بل هي ملف ضاغط بفعل ما تتعرض له الولايات المتحدة من إدانات واحتجاجات مستمرة منذ أشهر داخلها، ودولياً، ضد دعمها للكيان الإسرائيلي وجرائمه بحق أهل قطاع غزة.
هذا لا يعني أن المرشحين في حال تطرقوا إلى هذا التصعيد فإنهم سيكونون متوازنين في تصريحاتهم حوله، أو أنهم سيعلنون مواقف ضد الكيان الإسارئيلي.. مع ذلك يبدو مستغرباً ألا نجد تصريحات منهم حول مجريات المنطقة في الأيام الأخيرة.
بكل الأحوال، فإن السباق مستمر، وإن بصخب أقل، ويبدو أن الأيام الأخيرة لم تكن جيدة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، في ظل أن منافسته كامالا هاريس، المرشحة المرتقبة للديمقراطيين، تسجل تقدماً خطراً في استطلاعات الرأي، هذا عدا تحول لافت في المزاج الأميركي العام باتجاهها، تظهره وسائل إعلام أميركية بارزة، ترى أنها قادرة على ترميم حظوظ الحزب الديمقراطي في الانتخابات وإلحاق الهزيمة بترامب.
وجرياً على العادة فإنه لا بد من «نبش» الماضي كسلاح يستخدمه الطرفان في سبيل تقبيح صورة الآخر وإظهاره في أسوأ سلوك أمام الأميركيين.
وعليه فقد أطلق الحزب الجمهوري حملة «ماضوية» ضد هاريس، تتهمها بأنها يسارية متطرفة، بينما هي تعمل على جذب الليبراليين، مستحضرين كل تصريحاتها السابقة في هذا السياق.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإنه عندما ترشحت هاريس في الانتخابات التمهيدية للوصول إلى البيت الأبيض لأول مرة في 2019، اندفعت إلى اليسار، بينما كانت تناضل من أجل جذب انتباه الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي.
ومع دخول هاريس منذ أقل من أسبوع في السباق الانتخابي، يعمل الجمهوريون على نشر مقاطع فيديو لتصريحاتها ومقابلاتها القديمة بهدف تقديمها كمتطرفة يسارية خارج نطاق الناخبين المتأرجحين. بل إن ترامب يهاجم مواقفها وتصريحاتها السابقة في مؤتمراته الانتخابية.
ويوم الإثنين الماضي، بدأت حملته بتخصيص وقت للإعلانات التلفزيونية التي من المرجح أن تعيد قائمة طويلة من التصريحات التي أدلت بها هاريس في عامي 2019 و2020.
ومن بين تلك التصريحات، قول هاريس حينها إنها تعارض التكسير الهيدروليكي، وستفكر في إلغاء وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، ووصفت فكرة إضافة مزيد من أفراد الشرطة بأنها «تفكير خاطىء» ورحبت بفكرة السماح للمجرمين بالتصويت، وقالت إنها تدعم «برنامج إعادة الشراء الإلزامي» لبعض الأسلحة، ودعت إلى إلغاء التأمين الصحي الخاص.
(وكان حظر التكسير الهيدروليكي لاستخراج الوقود أحد بنود برنامج الطاقة الخاص بها في السباق التمهيدي لعام 2020. لكن التكسير الهيدروليكي يظل عنصراً أساسياً في الاقتصاد في بنسلفانيا، وربما تكون هذه الولاية هي أهم ساحة معركة انتخابية هذا العام).
وفي تعليقه على تصريحات هاريس القديمة في هذه النقطة، علق ترامب في تجمع حاشد السبت الماضي : «لقد تعهدت بحظر التكسير الهيدروليكي، أوه، هذا سيحقق نتائج جيدة في بنسلفانيا، أليس كذلك؟».
وأضاف مخاطباً سكان الولاية: «تذكروا أنها قالت إنها لا تريد التكسير الهيدروليكي، وهذا مسجل.. الشيء الجميل في التكنولوجيا الحديثة هو أنه عندما تقول شيئاً، فأنت في ورطة إذا كان سيئاً».
وقبل خطاب ترامب بيوم، كانت حملة هاريس قد أعلنت أن نائبة الرئيس لم تعد تريد حظر التكسير الهيدروليكي، وهو تحول كبير عن موقفها قبل أربع سنوات، لكنه متسق مع سياسات إدارة الرئيس جو بايدن.
إضافة إلى تغيير موقفها بشأن التكسير الهيدروليكي، قال مسؤولو الحملة إنها تدعم الآن طلبات ميزانية إدارة بايدن لزيادة التمويل لإنفاذ القانون على الحدود، ولم تعد تدعم برنامج التأمين الصحي الأحادي الدافع، وكررت دعوة بايدن لحظر الأسلحة الهجومية ولكن ليس شرط بيعها للحكومة الفيدرالية.
في المقابل، تعاد الكثير من مقاطع الفيديو القديمة لترامب خلال حملته في 2016 وتصريحاته حول رفض الإجهاض، والمهاجرين.. إلى جانب إبراز مواقف جي دي فانس، الذي اختاره ترامب نائباً له، باعتباره كان ناقداً بارزاً لسياسات ترامب.
وعن هذه النقطة تنقل «نيويورك تايمز» عن الخبير في مؤسسة «ثيرد واي» مات بينيت قوله: لست قلقاً من أن هاريس تبنت ذات يوم أفكاراً يسارية «لقد تطورت، على غرار بايدن مع وجهات نظر أكثر وسطية».
وأضاف (في إشارة إلى فانس): هناك فرق هائل بين تغيير أفكار السياسة وتغيير مبادئ المرء.. هاريس لم تغير مبادئها، وما زالت تعتقد أن تغير المناخ يشكل تهديداً وجودياً.
يشار إلى أن هاريس منذ اختارها بايدن نائبة له في عام 2020 نادراً ما طرحت سياسات مختلفة عن سياساته.
وكان فانس قد عبر في وقت سابق عن مخاوفه على حظوظ ترامب مع وجود هاريس كخصم له، وقال: إن انسحاب بايدن أدى إلى تعقيد الوضع الحالي بالنسبة للجمهوريين.
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن فانس أعرب عن وجهة النظر هذه في اجتماع مغلق مع مانحي الحزب الجمهوري الأميركي في 21 تموز الجاري في مينيسوتا.
وفي حديثه عن انسحاب بايدن من السباق ودعمه لترشيح هاريس، قال فانس: لقد صدمنا جميعاً قليلاً من هذه الضربة السياسية الخادعة. الخبر السيىء هو أنهم مهما قالوا عنها فإن كامالا تبقى أصغر سناً بكثير. ومن الواضح أنها لا تعاني من المشكلات نفسها التي تعصف بجو بايدن.
ولفتت الصحيفة إلى أنها حصلت على تسجيل لخطاب فانس في هذا الاجتماع المغلق.
وأشارت إلى أن فانس وغيره من الجمهوريين، لا يعترفون علناً بأن الوضع أصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لهم بعد خروج بايدن من السباق.
وكان ترامب قد هاجم ما سماه «الانقلاب على بايدن» خلال مقابلة له مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية يوم الإثنين الماضي، معتبراً أن الحزب الديمقراطي نفذ انقلاباً على بايدن.
وأضاف: «كأن تكون في معركة مع شخص ما.. وأنت منتصر حقاً، فإنهم يخرجونه ويضعون شخصا آخر.. لم يسمع أحد بهذا من قبل، هذا انقلاب! لقد قالوا له: على الرغم من حصولك على 14 مليون صوت، فأنت خارج الانتخابات. لقد طردوه، وكان هذا انقلاباً، أول انقلاب ضد رئيس الولايات المتحدة.