«ملف تشرين».. مراقبون تحت الطلب وكوادر”لا كالكوادر”…المجتمع الأهلي حرّاس أمناء وتشاركية بالمصلحة في الوقاية من الحرائق..

تشرين- بادية الونوس:

في كل الملمّات أو النكبات التي تحدث هنا أو هناك، نرى بصمات المجتمع الأهلي في الإنقاذ واضحة، وتوازي جهود الجهات المعنية في بعض الأحيان، بدليل دوره في إخماد الحرائق واندفاع المجتمع الأهلي من شبيبة أو مبادرات شبابية لأيام متواصلة هكذا من دون انتظار المقابل، سوى إنقاذ هذه الأرض التي تعني له الكثير، ولأن إشراك المجتمع المحلي في أي ملمّة أو نكبة تصيب المجتمع هو فعل نبيل ومهم جداً، لكن أيضاً هذه الشريحة وغيرها تحتاج لتحفيز وتشجيع قولاً وفعلاً، وخاصة أن قانون الحراج أفرد مساحة على مواده تعليمات وإجراءات من شأنها إذا ما طبقت أن تحدث فرقاً في هذا الموضوع.
عن إشراك المجتمع المحلي في إخماد الحرائق والإجراءات المتخذة، وما يسمح به قانون الحراج من اتخاذ خطوات تسهم في تحفيز المجتمع المحلي، وكيف يمكن أن أشجع مبادرات تحقق الهدف بالحدّ من انتشار الحرائق. كانت مثار موضوعنا هذا.

فريق (حلّة عارا)
على امتداد الأراضي من اوتستراد بيت ياشوط إلى حلّة عارا، التهمت النيران أشجار عمرها آلاف السنين على مساحة 35 دونماً. أمام هذا المشهد اندفع شباب – يكبر القلب بهم– جلّهم جرحى الجيش العربي السوري للمشاركة في إخماد ألسنة النيران وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

أثر بعد عين
موجع منظر مساحات عديدة من الغابات في مختلف المناطق، والتي أصبحت أثراً بعد عين.
يتحدث أحمد مياسي متطوع من فريق شباب فريق حلّة عارا التطوعي: بالتأكيد أي إنسان لديه مشاعر وأحاسيس لن يقف موقف المتفرج، بل سيشارك بكل ما أوتي من قوة، فكيف إذا كان هذا الإنسان ابن هذه الأرض؟.

صقور: اتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها إشراك المجتمع الأهلي بفعالية أكثر

مضيفاً: مضى أربع سنوات على عمر الفريق، إذ يضم 35 شاباً من البلدة و القرى المحيطة، وشارك بإخماد العديد من الحرائق التي اشتعلت في المنطقة، وهو على استعداد للمشاركة وتقديم ما يمكن تقديمه في أي منطقة على امتداد الوطن.

لم يسأل عنّا أحد !
في إحدى المرّات بقي الشباب في الغابة لمدة ثلاثة أيام من دون طعام أو شراب بظروف ارتفاع درجات الحرارة المميت، وفق المتطوع مياسي، ناهيك بأن المنطقة جبلية ووعرة، وبالتالي يصعب التحرك فيها وتأمين احتياجاتنا، لكن الصادم أنه لم يكلف أحد نفسه عناء السؤال عنّا!، الغصّة التي يشعر بها الشباب أنهم لم يتلقوا الدعم من أي جهة كانت، باستثناء جمعية (العرين) التي قدمت مستلزمات، منها صهريج مياه وخزانات وبعض المستلزمات، أما باقي الجهات فللأسف ..!.

على مرأى الجميع !
يؤكد أن أولى أسباب الحرائق هي عمليات التفحيم التي يقوم بها البعض, ويتركون كل شيء وراءهم. وثانياً يأتي الحطّابون من مناطق بعيدة، منها منطقة الغاب على دراجات نارية ويعمد هؤلاء إلى قلع الشجرة من الجذر، كونه أكثر وزناً على مرأى ومسمع الجهات المعنية ويدفعون (المعلوم) لأفراد يفترض أن يقوموا بواجبهم في حماية الغابات لذلك تكثر الحرائق.
إجراءات
لتحفيز المجتمع الأهلي، أعطى قانون الحراج مرونة وحرّية في اتخاذ الإجراءات المناسبة.
إّذ يؤكد مدير الحراج في اللاذقية جابر صقور أن أحد أهداف قانون الحراج رقم /39/ لعام 2023 /، تعزيز الإدارة المتكاملة والمستدامة للحراج، وتعزيز مفهوم النهج التشاركي في ذلك، وحدد القانون آلية تحقيق هذا الهدف بالمادة /40/ منه من خلال مجموعة من الإجراءات الواجب تنفيذها مع الجهات المعنية، وأهم هذه الإجراءات: إعداد خطة برامج نوعية وإرشاد بيئي للسكان المحليين بهدف تحقيق الأهداف النوعية بأهمية الحراج وتعزيز السلوك الإيجابي للإنسان، بموازاة آلية تنظيم العمل التطوعي للمجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع الأهلي والمنظمات الشعبية في حراج الدولة.

م. الكردي: المجتمع الأهلي هو المتضرر الأكبر من الحرائق والرابح الأول من إنقاذ أرضه

ولفت إلى أن التعليمات التنفيذية للقانون حددت الأسس المعتمدة لتعزيز تطبيق النهج التشاركي من إدارة وتنمية وحماية حراج الدولة مع المجتمع المحلي، ومن أهم الأسس التي يتم تطبيقها: التركيز على إدارة النشاط الزراعي في العقارات المملوكة للأشخاص من خلال التشجيع على الاستفادة من مخلفات الأراضي الزراعية وتحويلها إلى “كمبوست” سماد عضوي، بهدف زيادة خصوبة التربة والابتعاد عن التحريق الزراعي الذي يعتبر من أكثر المسببات الحراجية المقاومة للحرائق وبعض الأنواع الرحيقية والحراجية المثمرة التي تعود بالنفع على المجتمع المحلي.
أيضا إدارة النشاط الرعوي في حراج الدولة، من خلال تدريب المجتمع المحلي على كيفية الاستفادة من حقوق الانتفاع بالرعي والالتزام بالحمولات الرعوية وإدارة الرعي في المناطق ذات التغطية الحراجية العالية والكثافة المرتفعة، بهدف تنظيف خطوط النار وجوانب الطرقات للوقاية من الحرائق. وكذلك الاستفادة من الأحطاب الناتجة عن عمليات التربية والتنمية للمجتمع المحلي.
وتضمنت التعليمات التنفيذية أيضاً إدارة عمليات التوعية والإرشاد الحراجي من خلال إقامة الندوات واللقاءات مع كافة فئات المجتمع (طلاب مدارس – مزارعين..)، وطباعة بروشورات للتوعية الهدف من هذه الإجراءات التعريف بأهمية الغابة من الناحية البيئية والاقتصادية والاجتماعية، والتعريف بالوسائل والطرق التي يمكن للمجتمع المحلي أن يستفيد منها لتحسين المستوى المعيشي والتركيز على قضايا حماية الغابة والتعريف بكيفية المساهمة الفعالة بإخماد الحرائق من خلال رقم غرفة العمليات /188/ للإبلاغ عن أي دخان أو حريق.

تعيين موسميين
يبين صقور أنه وفق قانون الحراج، يتم بشكل دائم التعيين بصفة موسمية لأبناء المجتمع المحلي كحراس حراجيين وعمال إطفاء وعمال تربية وتنمية، وهذا يسهم في الحد من المخالفات الحراجية وسرعة الاستجابة لإخماد الحرائق، وبنفس الوقت يحقق المنفعة للمجتمع المحلي مادياً ومعنوياً.
وفي مجال التحريج أيضاً يتم تعيين عمال التحريج الموسميين من المجتمع المحلي لتنفيذ خطط التحريج ضمن المواقع الحراجية القريبة من القرى المجاورة لها.
ولم تغفل التعليمات السياحة البيئية، وذلك من خلال تخصيص مساحات محددة ضمن الحراج لمتنزهات حراجية يتم تجهيزها ببعض الأكشاك المخصصة لبيع منتجات المجتمع المحلي بما يعود بالنفع على المجتمع المحلي، وقد تم في المحافظة تجهيز ثلاثة متنزهات في /الشردوب – بللوران – الطارقية / بالإضافة للتشجيع على مشاريع السياحة البيئية بكافة أشكالها (مطعم بيئي – زبلاين – سكاي بايك)، وهذه المشاريع مهمة جداً في تطبيق النهج التشاركي.

المجتمع المحلي هو المتضرر الأكبر
ولأن العمل التطوعي يختلف عن الأداء الوظيفي الذي ينتهي بانتهاء ساعات العمل, نتساءل: هل تكفي كلمة “شكراً”؟ ماذا نحن فاعلون؟
تؤكد رئيسة شعبة التنوع الحيوي في زراعة اللاذقية م. هزار الكردي، أن المجتمع المحلي هو المستفيد الأول من الغابات، والمتضرر الأكبر في حال خسارة هذه الثروة الحراجية، لذلك هو المعني الأساسي بحماية هذه الغابات بالشراكة مع الجهات الحكومية. بدليل أن السكان المحليين كانوا في الصف الأول مع كوادر الإطفاء والحراج في إخماد الحرائق وحماية الغابات والحفاظ عليها. وهم الأقرب لهذه المواقع الحراجية، لذلك فإن سرعة استجابتهم لإخماد النيران والإبلاغ عن الحريق عامل أساسي في سرعة إخماد الحريق ومنع امتداده على مساحات واسعة.
نشر الوعي
تعمل مديرية الحراج على نشر الوعي لدى المجتمع المحلي من خلال إقامة ندوات ولقاءات تفاعلية إرشادية مع السكان في القرى الحراجية، والتلاميذ والطلاب في المدارس للإضاءة على أهمية الغابة وكيفية الاستفادة من مواردها ومكوناتها بطريقة مستدامة ترفع دخل السكان وتقلل التعديات على الغابات وتعليمهم كيفية الحفاظ على سلامة مكونات الغابة والبيئة، وفق م. الكردي.
وتحدثت عن كيفية استفادة المجتمع المحلي من موارد الغابة وحاصلاتها من ناحية الاستفادة من الأحطاب والنباتات الطبية والعطرية ووضع خلايا النحل ورعي الماشية. كما وضعت الأولوية للعقود الموسمية لعمال التحريج والإطفاء والحراس للمجتمع المحلي، إضافة لدعم السكان عن طريق مشاريع السياحة البيئية.
ومن المشاركات للمجتمع المحلي كان لمؤسسة “ضوء سورية” مشاركات بارزة مع كوادر الحراج في حملات التشجير المقررة ضمن المواقع الحراجية والمساهمة في مساعدة عمال الإطفاء في إخماد الحرائق وجمعية سوق الضيعة و غيرها.

تعزيز التعاون
للمبادرة والتحفيز دور كبير في تحسين المجتمع، وخاصة في الظروف الصعبة.
يرى خبير التنمية البشرية وائل الحسن أن المبادرات تشجع الأفراد على العمل معاً لتحقيق أهداف مشتركة، ما يعزز روح التعاون والتكافل الاجتماعي، وتحقيق العدالة والمساواة من خلال تقديم الدعم بأنواعه.

الحسن: تفعيل القيادة المحلية من خلال دعم وتدريب القادة المحليين ليكونوا قادرين على تحفيز المجتمع وتوجيه الجهود نحو الأهداف المشتركة

ويتطلب تحفيز المجتمع المحلي جهوداً مشتركة من الجهات المعنية والمجتمع نفسه. وأهم الطرق التي يمكن أن تتبعها الجهات المعنية لتحفيز المجتمع المحلي: تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال تشجيع الأفراد على المشاركة في الأنشطة المجتمعية عبر تنظيم ورشات العمل، الاجتماعات العامة، والفعاليات المحلية. فهذا يساعد على بناء الثقة والتعاون بين أفراد المجتمع.
والأهم توفير الدعم المالي والفني للمبادرات المحلية والمشاريع الصغيرة، إذ يمكن أن يشجع الأفراد على الابتكار والمشاركة في تحسين المجتمع إلى جانب تنظيم حملات توعية وبرامج تعليمية لزيادة الوعي بأهمية المشاركة المجتمعية.

تفعيل القيادة المحلية
وركز الخبير على أهمية تفعيل القيادة المحلية من خلال دعم وتدريب القادة المحليين، ليكونوا قادرين على تحفيز المجتمع وتوجيه الجهود نحو الأهداف المشتركة، فالقيادة الفعالة تلعب دوراً كبيراً في تحقيق التغيير الإيجابي.
أيضاً يؤكد الحسن أهمية الاستفادة من التقنيات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع المجتمع ونشر المعلومات حول المبادرات، والأنشطة المحلية والعمل على تحقيق العدالة والمساواة وضمان حصول الجميع على الفرص المتساوية للمشاركة في المجتمع.

 

أقرأ أيضاً:

«ملف تشرين».. قانون احترازي متشدد وحرّاس بانتظار من يشد عزائمهم..منظومة حماية الغابات واهنة والاستدراك أولوية متقدمة بقيت خارج التصنيف ؟!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
خطاب الدجل والاستعراض بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة والتحالف العالمي للقاحات بنسبة 5%.. تخفيض أسعار الغزول القطنية للمرة الثانية هذا العام الطيران المروحي يشارك في إخماد حريق بين الحصن والحواش بريف حمص الغربي مصادر خاصة: اللقاء بين الرئيسين الأسد وبوتين حمل توافقاً تاماً حيال توصيف المخاطر والتوقعات والاحتمالات المقبلة وزارة الثقافة تمنح جائزة الدولة التقديرية لعام 2024 لكل من الأديبة كوليت خوري والفنان أسعد فضة والكاتب عطية مسوح الإبداع البشري ليس له حدود.. دراسة تكشف أن الإبداع يبدأ في المهد تضافر جهود الوحدات الشرطية في محافظة حماة يسهم في تأمين وسائط النقل للطلاب وإيصالهم إلى مراكز امتحاناتهم الرئيس الأسد يجري زيارة عمل إلى روسيا ويلتقي الرئيس بوتين بايدن - هاريس - ترامب على صف انتخابي واحد دعماً للكيان الإسرائيلي.. نتنياهو «يُعاين» وضعه أميركياً.. الحرب على غزة مستمرة و«عودة الرهائن» مازالت ضمن الوقت المستقطع