مجلة الأطفال “شامة”.. جمالياتُ البساطة العميقة لوناً وكلمة!

تشرين – جواد ديوب:
أطالعُ “مجلةَ شامة” المجلةَ الشهرية للطفولة المبكرة، وأرى نوعيةَ طباعةٍ عالية، وألواناً مطبوعة بمستوى جيد وجميل، نصوصاً لطيفة وعميقة الأفكار بكلمات قليلة لكنها تُحيلُ الطفلَ إلى بحار الخيال، وعوالم الكون، ورائحة التراب، وملح البحر، وجماليةِ أن يزرعَ، وأهمية أن يبادرَ ويساعدَ والديه وأصدقاءه وزملاءه في المدرسة، وأن يتغلبَ على مخاوفه أو غضبه أو تسرّعه بحكمةٍ يشاهدها مرسومةً باللون قبل الكلمة… كلُّ ذلك بمفرداتٍ من البيئة المحلية يشعرُ معها الطفل كما لو أنه يجلس في بيت جده وجدته، وعبر رسوماتٍ فيها بهجةُ الموسيقا وفرحٌ لونيٌّ ممتع.

“تشرين” التقتْ الأديبة “أريج بوادقجي” رئيسة تحرير “مجلة شامة” (وهي كاتبة قصة وسيناريو، عملت أمين تحرير لمجلة “أسامة” بين عامي 2014 و2018، عضو مؤسس وهيئة تحرير مجلة “المهندس الرقمي الصغير” الصادرة عن الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، لها مؤلفات متنوعة وغنية في أدب الطفل، بالإضافة لافتتاحياتِ “شامة” وهي إمّا قصص قصيرة أو أناشيد أو مونولوجات بلسان الأطفال) حاورناها، فأعطتنا لمحة عن “مجلة شامة” الصادرة عن وزارة الثقافة/الهيئة العامة السورية للكتاب:
تقول: “هي مجلة تُعنى بالفئة العمرية للأطفال (من أربع إلى ثماني سنوات) تركز على القيم التربوية في مضامينها الأدبية والمعرفية المتنوعة، وسببُ ذلك أن هناك تقسيمًا نفسيًّا ولغويًّا فيما يخص أدب الطفل عالمياً، والتقسيماتُ العلمية هي: مرحلة الطفولة المُبْكِرة من (3 أو 4 سنوات إلى 8)، والطفولة المتوسطة من (9 إلى 12 سنة) وهذه تتضمن مثلاً أدبَ المغامرات والمشاكسات، ومن ثم فترة المراهقة أو أدب اليافعين ويدخل فيه أيضاً الرواية بخصائصها المختلفة عن كل ما سبق كتابةً ورسوماً.

*ما هي الفروقات بين “شامة” ومجلة “أسامة” العريقة الصادرة عن وزارة الثقافة أيضاً؟
بالنسبة للمجلة العريقة “أسامة” فقد كانت تنتمي -منذ نشأتها- إلى الفكرة القديمة عن وجود مجلة تُعنى بالأطفال لكن من دون تحديدٍ علميٍّ دقيقٍ للمراحل العمرية ومتطلبات كلّ منها نفسياً وجمالياً ولغوياً، وهذه ليست فروقات ثانوية أو هامشية أو عادية، ومع الاستمرارية تطورت مجلة “أسامة” نفسُها حتى وصلت إلى ما هي عليه حالياً، لكن في عام 2011 اطّلعتْ مجموعةٌ من الكتاب والرسامين على تجارب عربية وعالمية، وعليه نشأت “مجلة شامة” التي مرّت بمراحل متباينة بسبب الظروف التي نشأت فيها خلال الأزمة، واختلاط المعايير، مثلاً: الفهمُ الخاطئ لطول وقصر النص الأدبي، بمعنى: “إنْ كانَ لدينا نصٌّ صغيرٌ أو قصيرٌ فهذا يصلحُ لمجلة شامة”! وهذه أكثر فكرة خاطئة ومُغايرة للفهم الدقيق لعالم وفكر الطفل وذكائه وألعابه الذهنية.

من دون وعظٍ أو تلقين!
عن نفسي-تُكمل الأستاذة أريج- استلمتُ مجلة شامة عام 2018 وأعتقد أن فكرة “الطفولة المبكرة” هي مفهومٌ جديد وشبه مُغلق بالنسبة للأهل، فهي مرحلة تأسيس القيم بالنسبة للطفل، القيمة التربوية في “شامة” برأيي تكمنُ في جوهرها بالتلميح وليس التصريح، من دون تنظير أو تلقين: “افعلْ هذا أو لا تفعل كذا”، من دون وعظٍ وإرشادٍ مباشرَين ينفّران الطفل الذي تغيرت علاقتُه بالكون والأهل بسبب أجهزة الموبايل والنت، إذاً أصبح واجبًا علينا أن نمرّرَ له القيمَ التربوية والإنسانية عبر الرسوم المشغولة بصرياً بشكل دقيق ومدروس ومعتنى به جداً.

*نسألها: هل تطرقتم لمواضيع حساسة أو مهمة عربياً وليس فقط محلياً؟
**تجيب: نعم، لدينا مثلاً العدد المخصص لفلسطين، وفيه لوحة غلاف مميزة للرسامة لينا نداف، وضمنه لوحة للفنانة عدوية ديوب تركز على رمز شجرة الزيتون المقدسة، ولوحة للفنانة ريما كوسا إلى جوار قصيدة للشاعر بيان الصفدي عن (أمٍ مفجوعة تبحثُ عن يوسُفِها بعيونٍ تغلي، تسألُ عن يوسُفِها الحلوِ الأبيض ذي الشعر الكيرلي)، وهناك عدد مخصصٌ لفكرة الأسرة، وآخرُ عن الأم في عيدها، وعددٌ خاصٌ عن الزلزال.

رجعُ الصدى!
*هلّا تحدثينا عن “رجع الصدى”… كيف تعلمون فعلاً تأثير “مجلة شامة” على الأطفال، وكيف يحدثكم الأهل أو الأطفال عما يتلقونه من “شامة” رغم أن عدد نسخها الموزعة ربما لا يتجاوز ألف نسخة ورقية؟
**بوادقجي تُكمل: “كلُّ ما له علاقة بمجلة “شامة” نفعلُه بأفضل ما يمكن وبكل تفاصيله، ستجدُ فيها لوحاتٍ تنافس في جمالياتها وجودتها لوحات عربية وعالمية، وكل عدد أصدرناه هو إنجازٌ للكوادر العاملة فيها جميعاً، إذاً نحن واثقون وجديون بالعمل، ونعلم تماماً ماذا نقدم للأطفال، ومن دون التنازل عن معايير أدب الأطفال ولوحاته، وأعتقد أنَّ هذه معادلة حققناها وتثبتنا منها من خلال تفاعل الأطفال معها، ومع الرابط الإلكتروني لمجلة شامة:
syrbook.gov.sy/archives/category

ومن خلال الرسائل الكثيرة جداً التي تصلنا من الأهل من كل المحافظات، أو من خلال رسالة فيها مقطع فيديو لطفلة تقرأ شامة بمتعة عالية، وأيضاً من خلال معارض ا

لكتاب نلاحظ أن نسخ “شامة” نفدت بشكل سريع، ويسألنا عنها عدد كبير جداً من الحضور، كما لدينا ورشات عمل تنفذها “مجلة شامة” في بعض المدارس، وبعضها حدث في مراكز إيواء، وبعضها كانت ورشات تفاعلية مع الأطفال تضمنت رسماً وغناءً وجلساتِ قراءة…إلخ هدفُها أن نطلعَ الأهل والأطفال على أن هناك شيئًا اسمُه “أدب الطفل وفنّه” وهو يكاد يكون أكثر أهمية من الكتاب المدرسي أو يوازيه في الأهمية.

*وهل تعتقدين أن عند الأدباء والفنانين إقبالًا للاشتغال مع “شامة” أم هناك توجّسٌ مِن الكتابة لهذه المرحلة العمرية نظراً للمعايير الأدبية والجمالية العالية والدقيقة؟
“نعم هناك إقبالٌ لافت، خاصة من المقتنعين بهذا المشروع، بل بعضهم يَعدُّ أنَّ وجود اسمه في “شامة” هو ميزةٌ نظراً لأهميتها و”سمعتها” المميزة في عالم أدب الطفل، وبصراحة إنّ كل من يعمل في “شامة” وخاصة من الفنانين الكبار هم يعملون بحبٍّ وشغف وإصرار من دون التفكير بالعائد المالي أو بمكافأة لا تعادل أجزاءً بسيطة من قيمة العمل المعنوية والفنية، بل أذكر لك أن رجع الصدى أتانا من بلاد عربية من لبنان ومصر وتونس والمغرب، وصلتنا منهم رسائلُ يُعبّرون لنا فيها عن إعجابهم بالمجلة، بل ورغبتهم المشاركة بلوحاتهم أو نصوصهم أو أشعارهم، ومن دون الالتفات إلى العائد المادي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على الانتقال نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي كيف نميز بين المظهر الحقيقي ونتجنب التظاهر المزيف؟ الفضاء الرقمي والتطبيقات المتعددة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أبعدت الأطفال عن أنشطتهم و أخرجتهم من رداء الطفولة أكثر من ٦٨٠ مراجعاً خلال الشهر الفائت لمركز مصياف للإغاثة والتنمية.. وجميع الخدمات الطبية مجانية دعماً للأطفال المصابين بالسرطان.. مؤسسة أليسار تقدم جلسات ترفيهية ومسرحيات هادفة لمساعدة المصابين مجلة الأطفال "شامة".. جمالياتُ البساطة العميقة لوناً وكلمة!