راتب الزوجة حق خاص لها.. أم عليها واجب المشاركة في المصروف؟

دمشق – دينا عبد:

راتب الزوجة، قصة تتردد في معظم البيوت التي يكون فيها الزوجان موظفين، البعض يقول إن راتبها من حق الزوج لأنها تصرف من وقته ووقت بيتها لتذهب للعمل، وآخرون يقرون بأن راتب الزوجة من حقها وحدها وهي فقط من تملك التصرف به، فراتب الزوجة يشكل قضية كبيرة حينما يتعلق الأمر بمشاركتها في مصاريف البيت، حيث يعتقد البعض أن إسهامها واجب لابدّ منه..
كيف تتصرف الزوجة العاملة في راتبها؟ وكم تمثل نسبة وقيمة مشاركتها في مصاريف البيت؟ وكيف يتم الأمر بينها وبين زوجها بالرضا أم بالاتفاق؟ وما هي نظرتها إلى هذه المشاركة؟.

حق لها
في اعتقاد هناء (مدرسة) فإن راتب الزوجة هو حق لها ولمتطلباتها الخاصة، ولا يحق للزوج أن يطالبها به، لأنه المسؤول الأول عن الإنفاق على البيت والعائلة، وتشير إلى أنه في حال رغبت المرأة في المشاركة، فهذا أمر اختياري، و يجب ألّا يكون موضوع نقاش أو مشكلة بين الزوجين.

راتب الزوجة حق خاص لها.. أم عليها واجب المشاركة في المصروف؟

مشاركة الزوجة
تؤمن رنا – موظفة – بمبدأ أن المرأة هي حرة في التصرف براتبها كما شاءت، بيد أنها تعود لتؤكد ضرورة مشاركة الزوجة زوجها في الإنفاق على البيت، وذلك بقناعة من تلقاء نفسها ومن دون ضغوط من الزوج، خاصة إذا كان يحتاج ذلك؛ فالظروف الاقتصادية صعبة جداً وبات أي شاب مقبل على الزواج يرتبط بفتاة موظفة كي تساعده في تأثيث منزلهم.

تأمين احتياجاتها
تؤكد المهندسة أماني حريتها الكاملة في التصرف في راتبها، موضحة أنها تنفق أموالها في سبيل تأمين احتياجاتها الشخصية وبعض احتياجات البيت الكمالية وبرضا كامل، وتلفت إلى أن الرجل الشرقي يحب أن يلتزم بمسؤولياته المادية، لأنها تمثل له اعتداداً بنفسه وبرجولته.

طبيعة اتكالية
منال موظفة قطاع خاص حذرت من أن هناك بعض الأزواج من ذوي الطبيعة الاتكالية، يستغلون صرف المرأة على بيتها، فيتركون لها الجمل بما حمل، لذلك تشدد على ضرورة وضوح الرؤية بين الزوجين منذ البداية، في ما يخص راتب الزوجة، وأن يكون هناك اتفاق حول كيفية إنفاق هذا الراتب، حتى لا تشعر الزوجة بالاستغلال، وتعطي زوجها الفرصة للتملص من واجباته.

مسؤولية الرجل
في الجهة المقابلة علينا أن ننظر للرجل كيف ينظر إلى إسهام زوجته في مصروف البيت، لا يرحب الموظف عدنان بمشاركة الزوجة في مصاريف البيت الأساسية، وإن كان لا يرى غضاضة في إنفاقها في الكماليات، مؤكداً أنه يخشى كذلك من الإحساس بالندية الذي قد تمنحه لها مشاركتها زوجها مصاريف البيت يداً بيد، ويضيف: بعض النساء اللواتي يسهمن في المصروفات يتوهمن بأنهن لسن في حاجة إلى الرجل، وأنهن يستطعن القيام بدوره، فيُشعرنه بالتهميش، وهذا ما يؤدّي إلى كثير من المشكلات، ويلفت إلى أن إنفاق الزوج على بيته، يجعله هو الربان مشيراً إلى أن توزيع الأدوار بين الزوجين، يتيح لمركبهما أن يسير بهدوء وبعيداً عن الغرق.

باحثة اجتماعية تدعو الطرفين إلى تقديم بيان ذمة مالية منعاً للخلافات..

أما نبيل – موظف – فيرى أن هذا الأمر اختياري، وفي يد الزوجة، ومن صميم حريتها الشخصية، وهي التي تُقدّر حاجة البيت وما يمكن أن تسهم به هذه الحاجة، أما إذا امتنعت فلا يحق للزوج أن يطالبها بالمشاركة.

ظروف قاهرة
في موقف مخالف للآراء والمواقف السابقة، يرى كامل – أستاذ مدرسة – أن الظروف الاقتصادية، وازدياد الأعباء الحياتية، يحتمان أن يكون للزوجة العاملة دور في تخفيف هذه الأعباء، إلا أنه يلفت إلى أن ذلك لا يعني أن تسهم المرأة مباشرة في المصاريف الأساسية، مثل الأكل والشرب والإيجار.

اتفاق واضح
بدورها الباحثة الأسرية غدران نجم، بينت أن ما يغفل عنه غالبية الأزواج بل وقد يحرجهم النقاش والحوار فيه والاتفاق عليه هو موضوع إدارة الميزانية الخاصة بالمنزل؛ علماً أن الصعوبات الاقتصادية تشكل جزءاً كبيراً من المشاكل العائلية والخلافات التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الانفصال بين الزوجين.
وبناء عليه من المهم أن يكون هناك اتفاق واضح حول هذه الفكرة؛ لأن ما تخلفه من مشاعر تذمر وانزعاج وغضب خاصة مع تعاظم وارتفاع تكلفة متطلبات الحياة اليومية الأساسية، كلها أمور كفيلة بجعل العلاقات الأسرية باهتة وخالية من أساليب التواصل الإيجابية التي تعزز الاستقرار النفسي والاجتماعي لكيان الأسرة.
مشاركة
وتؤكد الباحثة أنه وبسبب صعوبة الحياة وغلاء المعيشة وتراكم المسؤوليات بات من الطبيعي والمقبول واللائق أن يتشارك الزوجان مصاريف المنزل بعد النقاش حولها وتصنيفها بين أساسيات وكماليات، وبالتراضي بينهما بمعنى أن الزوجة العاملة في ظل هذه الظروف مدركة تماماً لصعوبة العيش وكثافة المتطلبات، وهي نفسها وبإرادتها لن تقبل بعدم المشاركة حرصاً منها على عيش أفراد عائلتها بمستوى مادي مناسب، وبالتأكيد سيقوم الزوج بتقدير ذلك منها؛ لأنه حسب العادات والأعراف الاجتماعية وحتى حسب الشرائع السماوية الرجل أو رب الأسرة هو المسؤول الأول عن الإنفاق والالتزامات المادية للأسرة سواء كانت المرأة تعمل أو لديها ميراثها ومدخراتها أم لا؛ وفي ظل هذه الظروف تستطيع الزوجة أن تعتبر ما تشارك فيه داخل المدرسة من مصاريف هو نوع من التيسير والانفراج الاقتصادي الذي يعود بالنفع على أسرتها ومن دون إجبار من أحد بل بنفس راضية محبة خاصة أن عمل المرأة سيكلف الأسرة مصروفات جديدة قد تتضمن ثياباً للعمل ومواصلات وأحياناً تأمين جلساء للأطفال ..إلخ .

مناقشة
وتضيف نجم: وهنا من المهم مناقشة ذلك بين الشريكين حيث من الممكن اقتراح عمل دراسة لميزانية المصروفات المدفوعة شهرياً وبشكل إجمالي، ومن ثم تحمل الزوجة ثلثها على سبيل المثال، وما يتبقى من دخلها الخاص تستطيع ادخاره أو إنفاقه على نفسها وحاجاتها الخاصة أو من الوارد الاتفاق على تحمل أحد الشريكين لمصروفات معينة بشكل شهري؛ مثل الإيجار أو فواتير الكهرباء؛ أو قد يتم اقتراح أن تنفق الزوجة على الالتزامات ذات الطابع الكمالي أو الترفيهي مثل: مصروفات الاشتراك الشهر في نوادي الأطفال أو أعياد ميلاد أو الاتفاق على المشاركة في النفقات الضخمة مثل أقساط مدارس أو بنزين السيارة أو أثاث منزل ..الخ.

استشارية أسرية: بناء الأسرة يحتاج جهود الطرفين

وتذكر الباحثة نجم بأهمية بيان الذمم المالية حسب الأصول والقانون درءاً للخلافات الوارد حدوثها لاحقاً أو تلافياً لسماع تعليقات مزعجة بين الزوجين على نمط: لقد أنفقت كذا وأنت لم تفعل، وكل ذلك بالاتفاق والتراضي.
ولنكون واقعيين فإنه من غير المقبول أن يتنصل الزوج بأي شكل من الأشكال عن واجباته والتزاماته المادية تجاه الأسرة لأنه المسؤول الأساسي عنها أصلاً كما أسلفنا الذكر..
وحسب نجم فإن علاقة الزوجين أصلاً مبنية على الود والتراحم والتفاهم، وبناء الأسرة يحتاج جهود الطرفين وتقديم التسهيلات والتنازلات المناسبة إن لزم الأمر تحقيقاً للتوازن النفسي والاجتماعي والاقتصادي لأفرادها، بمعنى أن على أدوارهما أن تتسم بالتشاركية والتكامل في الواجبات والمسؤوليات فهو يساعدها وهي تساعده، حيث إن ذهابها الى العمل يعني كثافة في مسؤولياتها وواجباتها وعلى الزوج تقديم المساندة لها بصورة مقبولة للطرفين، ومن غير المتوقع أن تشارك الزوجة في الإنفاق من دون أن تكون شريكة في اتخاذ القرارات الأسرية.
ومن وجهة نظر الباحثة الأسرية فإن مشاركة المرأة للرجل في الإنفاق على الأسرة ليست واجبة وهي بالتأكيد اختيارية ولكن أدبيات العلاقة بين الزوجين والميثاق الروحي والعاطفي بينهما كفيل بتشجيعها ودفعها لفعل ذلك، فهي تحتاج من شريك حياتها التقدير والامتنان، وقد يكون من المهم ذكر أن نقاش هذه الأمور المادية والاتفاق عليها من قبل تنفيذ مشروع الزواج هو أمر صحي للغاية ومسبب لعلاقة واضحة متوازنة مستقرة بين الطرفين توضح فيها بكل شفافية الالتزامات والحقوق والواجبات والصرفيات والمسؤوليات الموكلة لكلا الطرفين..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار