بداياته كانت في الزجل والشعر الشعبي الشاعر العراقي هشام عبد الكريم: أكتب جميع الأنماط الشعرية وأميل للنص المفتوح
حوار: هويدا محمد مصطفى:
شاعر له بصمته في المشهد الثقافي العراقي، كتب معظم مجالات الأدب كالشعر والمسرح وللطفل، وله عدة أغانٍ للأطفال وللوطن، فهو يمتلك مخيلة قادرة على ابتكار المفردات التي تتجاوز أبعاد الدهشة تاركاً أسئلته مفتوحة في النص الشعرين معتمداً أسلوباً فنياً متجدداً بالصور والاستعارات التي تجعل من نصه الشعري انعكاساً لمرآة الذات.. صدر له الكثير من الأعمال الأدبية نذكر منها: “موسيقى لردم الحزن، بلقيس تبحث عن سبأ، قريب..بعيدون، لا أحد ينتظر القادمين، خرائط المعنى، ليل أطول، ونصوص مسرحية، ربما حين يجيء، وفي أدب الطفولة: أحكي لهم..” وللحديث عن تجربة الشاعر هشام عبد الكريم الشعرية التقيناه وكان لنا معه الحوار التالي..
* لكل ولادة حكاية فكيف كانت بدايتك الإبداعية؟
كانت بدايتي بوقت مبكر وأنا تلميذ في الابتدائية.. في حينها كنت أكتب زجلاً أو ما يسمى بالشعر الشعبي.. وتطورت كتابتي في الدراسة المتوسطة فبدأت أكتب باللغة الفصحى، وكنت في حينها أكتب الشعر العمودي، واستمررت بالقراءة والاطلاع على كتب الأدب ودواوين الشعر حتى أصبحت قادراً على النشر في منتصف السبعينيات..
تأثرت بشعراء المعلقات وأبي تمام والمتنبي والمتصوفة
* بمن تأثرت وجعلك تكتب قصيدة من دون استئذان؟
حتى أكون صريحاً أنا تأثرت بشعراء المعلقات، وأبي تمام، والمتنبي والمتصوفة فضلاً عن رواد قصيدة التفعيلة كالسياب وشاذل طاقة ونازك الملائكة والبياتي وتأثرت بما كتبه أدونيس والماغوط وإنسي الحاج وغيرهم.
* هل الواقع أثر بعالمك الفكري والإبداعي وأي الجوانب تثير قلمك؟
كان للواقع المر الذي عشناه والحروب التي تعرض لها بلدي وأمتي والتباين الاقتصادي والاجتماعي.. كان لهذه الأمور كلها تأثيرها المباشر في كتاباتي، فأنا جزء من هذا الواقع العراقي والعربي ولابدّ للمعطيات التي تجري من تأثيراتها المباشرة في كتاباتي سواء في الشعر أم في المسرح.
* لكل شاعر مرجعياته التخيلية والجمالية لبناء عالمه الإبداعي ماهي ينابيع أنهارك الشعرية؟
بحكم كوني أحمل دكتوراه فلسفة في التاريخ الإسلامي فقد غرفت من ينابيع عدة لبناء هذا العالم الذي يعد الجمال إكسيره، فالحوادث التاريخية والأساطير وقصص الأنبياء والأبطال عبر العصور التاريخية تسربت إلى عوالم كتابتي فضلاً عن الواقع المعاصر الذي عشته وتشكلت من خلاله تجاربي الشخصية في الحب والحياة والعلاقات الاجتماعية المتنوعة.
* كيف تنظر للعلاقة القائمة بين القصيدة والنقد في مشهدنا الراهن؟
لا توجد هناك علاقة قائمة وفق منظور محدد ما بين الشعر والنقد، بل هناك انطباعات شخصية تتحول إلى كتابة مقال عن هذا وذاك من الشعراء وأحياناً تخضع إلى تبادل منفعة ولاسيما في الأوساط الجامعية فنجد شاعراً أكاديميا في بداية تجربته تكتب عنه الدراسات من قبل زملائه في القسم أو الكلية في حين يكون مصير ذوي التجارب المهمة النسيان.
* ما هي المواضيع التي تتناولها في كتابة نصوصك الشعرية؟
الحوادث التاريخية والأساطير وقصص الأنبياء والأبطال عبر العصور التاريخية تسربت إلى عوالم كتابتي
الإنسان والوطن يشكلان المواضيع الأهم في كتاباتي وعندما أقول الإنسان أعني الحب والموت والشهادة والعذابات التي يتعرض لها ذلك الإنسان وهذا الأمر ينسحب إلى الوطن نفسه وهو يعيش تقلباته الغرائبية كلها.
* ما رأيك بالواقع الثقافي في العراق خصوصاً وفي العالم العربي بشكل عام؟
العراق بلد الشعر والشعراء كان وسيبقى ذا إشعاع لا يغيب على الرغم من الحروب والويلات التي مرّ بها فالشعر والثقافة هما وجها عراقنا الناصعان، والذي ينظر إلى المطبوعات العراقية ودور النشر والأمسيات الأدبية والثقافية سيكتشف أن شمس ثقافة العراق مازالت تضيء سماءه وعقول أبنائه.
* القصيدة رسالة مفتوحة للعالم أين القارىء هذه الأيام؟
للشعر قراؤه لكن علينا ألّا ننكر دور وسائل التواصل الاجتماعي التي قللت أو حدّت من علاقة القاريء بالكتاب فبكبسة زر ينشر ويقرأ ما يشاء مفضلاً ذلك على الكتاب. لكن وعلى الرغم من ذلك كله يبقى للكتاب رونقه، فخلال سفراتي خارج العراق أشاهد الشبان والفتيات لا تفارق عيونهم الأوراق. أي أنهم يفضلون الكتاب ويضعونه في المقدمة.
الإنسان والوطن يشكّلان المواضيع الأهم في نصوصي
* للقصيدة مآزقها ومضائقها هل يستطيع الشاعر النجاة من هذه المكائن؟
القصيدة مواربة ولا يمكن حصرها وهي مكون زئبقي لذا على الشاعر أن يكون حذراً أثناء الكتابة ذلك لأن القصيدة تريد أن تكتب الشاعر ولاسيما الذي اكتفى بموهبته أما الشاعر الذكي فهو الذي عندما تأتيه القصيدة يكتبها هو بسطوته عليها.
* أين المرأة في قصائد هشام عبد الكريم وماذا أضافت لشعرك؟
لولا المرأة والحب لما أصبحت شاعراً، لو تصفحت مجاميعي الشعرية كلها لوجدت المرأة حاضرة، فهي تحضر حبيبة أو أماً أو أمة وأحياناً تتحول لدي إلى قناع أبث من خلاله مواجع سياسية أو اجتماعية.
* ما رأيك بترجمة الشعر إلى لغات وماذا تقدم للنص برأبك؟
على الشاعر أن يكون حذراً أثناء الكتابة ذلك لأن القصيدة تريد أن يكتب الشاعر ولاسيما الذي اكتفى بموهبته
تعد ترجمة الشعر هي الأصعب دائماً فإذا ما كان السرد (قصة أم رواية) مشياً فالشعر رقصاً، أي إيقاع ومن هنا تأتي صعوبة ترجمته وأغلب ما يصلنا من خلال ترجمة الشعر هي المضامين وليس الشكل بصوره وانزياحاته.
* ماذا تحدثنا عن تجربتك في الكتابة عن الطفولة؟
تجربتي مع كتابة أدب الطفل طويلة لكنها تعرضت إلى انقطاعات لانشغالي بالشعر والمسرح وأحياناً القصة القصيرة ومع ذلك كتبت العديد من القصص والمسرحيات والقصائد للأطفال وللفتيان.. عرض الكثير منها على مسارح المعاهد والجامعات.
* تكتب جميع الأنماط الشعرية ولكنك تميل لقصيدة النثر لماذا؟
أغلب ما يصلنا من خلال ترجمة الشعر هي المضامين وليس الشكل بصوره وانزياحاته
أكتب جميع الأنماط وأميل للنص المفتوح لأنه يجعلني أكثر تحرراً ولا يحد مما أريد قوله، علماً بأن النص النثري هو أصعب أنواع الكتابة على الأقل بالنسبة لي.
* ما القصيدة التي مازالت تختزن ذاكرتك؟
أمشي نصفين؛
نصف
يدنو مني،
والثاني ينأى عني..
يفترق النصفان
فلا أدري أيني.