كتاب “فارس وتخوم”.. شهادات ودراسات نقدية في تجربة الشاعر توفيق أحمد
طرطوس – ثناء عليان:
بدعوة من فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب قدم الشاعر عصام حسن قراءة تعريفية بكتاب “فارس وتخوم”، الذي ضم عدداً كبيراً من الدراسات النقديَّة, والمقالات والشهادات، التي تناولت أعمال وقصائد الشاعر توفيق أحمد برؤى وأساليب نقدية مختلفة لنقاد وأكاديميين وشعراء من مختلف المدارس النقدية.
لمحة مختصرة
وذكر الشاعر حسن أن هذا اللقاء جاء فقط للتعريف بمحتويات الكتاب والإشارة إلى أهميته، بعيداً عن نقد النقد، والإطالة والتفصيل, ملتزماً بخطواتٍ محدّدة حذَرَ تشعُّبِ الحديث، مقدماً لمحة مختصرة عن الشاعر موضوع الكتاب.. أشار فيها إلى أنه صدر له تسعة دواوين شعرية مطبوعة منها: (أكسر الوقت وأمشي، لو تعرفين، نشيد لم يكتمل، لا هدنة للماء، جبال الريح، آخر أول الطقس، حرير للفضاء العاري….)، وهو الآن نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية ورئيس تحرير جريدة الأسبوع الأدبي التابعة للاتحاد.
دراسات.. كما بيّن حسن أن كتاب (فارس وتخوم)، في طبعته الثالثة مَزيدة ومعدّلة ويتضمن قسمين، وهو من إعداد الكاتب مرهف زينو وعمر جمعة، ومراجعة الدكتور محمد هايل الطالب والشاعر أوس أحمد أسعد، ولوحة الغلاف للفنان رائد خليل، ويضمُّ القسم الأول من الكتاب ستاً وعشرين دراسةً نقدية لنقاد وباحثين وأكاديميين وأدباء من تونس والعراق والسعودية والأردن وفلسطين وسورية، تناولت شعر توفيق أحمد من زوايا مختلفة, وتمحورت حول عناصر مثل: “القيم الجمالية، التجديد، البنى الفكرية والنفسية، التضاد، الدراما، المكان، والوطن، الأنثربولوجيا (علم الإنسان)، الأنطولوجيا (الكينونة)، الأنماط الشعرية، العشق، روح اللغة، وتخلّلت هذه الدراسات مفاهيمُ مدارسَ نقدية متعددة كالانطباعية والتأويلية والتحليل النفسي والبنيوية والشكلانية، وقليلةٌ جداً الدراساتُ التي مثّلتْ مدرسةً بعينها, وطبّقت في بحثها معطيات هذه المدرسة وحدها.
ظواهر فكرية وفنية
أما القسم الثاني من الكتاب فيضم –حسب حسن- أربعين مقالةً وشهادة, ناقشت مختلف الظواهر الفكرية والفنية في إبداع الشاعر, برؤى وأساليب متعدّدة, ودرست ظواهر شعرية مختلفة, وأضافت في أغلبها جديداً مفيداً لِما تقدّم، ومن اليسير للمُختصين في الأدب والنقد, ملاحظة أنّ عدداً من مقالات هذا القسم مع كلّ الاحترام لدوافعها الوجدانية, لا يمكن اعتبارها نقداً مُتخصّصاً وإنما هي شهاداتٌ ووقفات فردية سريعة، وبعضُها يحاول شرح النصوص والتعليق عليها, من دون أن يصلَ أحياناً إلى استكناهِ الأبعاد الجمالية فيها, أو الحكم النقديّ عليها، ولم تَفُت مُنسِّقا الكتاب هذه الملاحظة, لذا أوردا المساهماتِ في قسمَين وجاءت الدراساتُ المتخصِّصة غالباً في القسم الأول، ولو أنّ أسئلةً ستبقى تُطرحُ حول الانتقاء والترتيب والتصنيف, وفي النتيجة؛ إرضاءُ الناس غايةٌ لا تُدرَك، وهذه الملاحظة مجرّد تفصيل لا تمسّ مضمون الكتاب, ولا تصل إلى الإضرار بقيمته وتَميّزه وأهميّته.
أهمية الكتاب فكرياً
وفي رأي حسن تكمن أهمية الكتاب الفكرية, في أنّه يُقدّم للدّارسين والمهتمين بالنقد مادّةً غنيّةً للتأمُّل والدراسة والفائدة, من خلال نماذج تطبيقيّة لمدارس نقديّة مختلفة, في طرائق تناولها النصّ الشعريّ, إذ أنها تصقل ملكاتِهم النقدية, وتُثري تجاربهم, وتغني مهاراتهم وتقنياتهم, سواءً أكانوا مُعجَبين بهذه الدراسات أم ناقدين لها, فالفائدة مُحَقَّقةٌ في الحالتين.
ومن الناحية الجمالية يذكر حسن: إن الكتاب يُسهم في تعزيز القيم الجمالية في الشعر، من خلال تثبيت وتحليل هذه القيم في النصوص قيد الدراسة, فيلتفتُ إليها الشعراء ويَتمثّلُها منهم الطامحون إلى التجدّد والغنى والبساقة، ويحاورونها ويحاولون التحليقَ على تخومها بل وسبقها إن أمكن، والنهوضَ أبداً إلى تَشهِّي الكمال في مُقاربة الإبداع المُتجدّد والعطاء الدائم.
تأريخ الأساليب النقدية
كما أنّ الكتاب يؤرّخ للأساليب النقدية وطرائق مقاربتها النصوص الشعرية في هذه المرحلة من الزمن, كونه يتضمن عدداً كبيراً من الأسماء التي تتصدّرُ المشهد النقديَّ في سورية والوطن العربي، لافتاً إلى أنّ الكتابَ أصبح موجوداً ومعتَمداً في مكتبات كليّات الآداب في جامعاتنا, يستعيره الطلاب, ويَجنُون من ثمراته, ويسهمُ في إغناء معارفهم الأدبيّة والنقديّة, من خلال النماذج التطبيقية التي دَرستْ وحلّلتْ الأبعادَ الفكريّةَ والفنيّةَ والجماليّة في شعر شاعرنا.
ويختتم الشاعر عصام حسن ندوته التعريفية بكتاب “فارس وتخوم” مؤكداً أن جميع الدراسات التي ضمها الكتاب مهمة وفيها جهدٌ كبير وتوقف عند بعضها مثل: “شعرية التضاد في أعمال توفيق أحمد” للدكتورة سمر الديوب، وقراءة في قصيدة (مسافر غير عادي) للدكتورة مها خير بك ناصر، والشعر وأنماطه للدكتور غسان غنيم، منوهاً بعمق وقيمة أغلب الدراسات.