القواعد الأمريكية تلفظ أنفاسها الأخيرة

يستمد خبر استهداف قاعدة أمريكية شمال شرق الأردن قيمته من مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة 40 آخرين، وهو ما يستدعي الردَّ من وجهة نظر الولايات المتحدة، وبالتالي يفتح الباب أمام احتمال تورط أمريكي أكبر في «حروب» المنطقة، في الوقت نفسه، أظهرت الحادثة أنّ الولايات المتحدة تتحيّن فرصة إقحام الحلفاء، وفق حسابات مصالحها لا مصالح هؤلاء، في خضمِّ مرحلة انتقالية دولياً سمتها الأبرز تراجع الدور الأمريكي، وتقدم دور قوى دولية وإقليمية صاعدة.
لقد غرقت الولايات المتحدة الأمريكية بالفشل في الاستمرار بحماية نفسها في الخارج، وهي المتلطية خلف وكلاء لها في المنطقة، فحرب اليمن عرّتها تماماً، وجعلتها عرضةً للانتقادات اللاذعة من أقرب حلفائها بعد فضيحتها بتعاملاتها الفوقية مع هؤلاء الحلفاء، حتى وصلت الأمور إلى حدِّ رفض الدخول معها بتحالف عسكري بحري ضد اليمن.
وهذا المشهد عاشته المنطقة عندما كانت أمريكا تجمع حلفاءها في مواجهة اليمن ضمن ما يسمى «تحالف حارس الازدهار» لشن عملية عسكرية للرد على هجمات المقاومة اليمنية على السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، وسرعان ما وجدنا المحيط العربي يتململ، فكانت النتيجة ضربات أمريكية بريطانية لا طائل منها وقد استهدفت شمال اليمن.
وبالعودة للحديث عن الهجوم على القاعدة الأمريكية، فقد كانت ساعات ما بعد الهجوم لافتةً للانتباه لجهة إصرار واشنطن على أن القاعدة التي استهدفت إنما هي في الأردن، بينما كان الأردن يعلن أنها في سورية، وهذا الإعلان لم يكن الإعلان الرسمي نهائياً، إذ ختم الأردن بيانه الذي بدا أنه يجامل فيه أمريكا بعد الحادث مباشرة، لكن ليس على حساب نفسه، فأعلن إدانته الهجوم الإرهابي الذي استهدف موقعاً «متقدماً على الحدود مع سورية»، وأدى إلى مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة، وجرح آخرين من القوات الأمريكية التي تتعاون مع الأردن في «مواجهة خطر الإرهاب وتأمين الحدود».
هذا الهجوم يعدُّ من العمليات التي تدلّ على أن المقاومة في سورية والعراق قررت تطوير ضغوطها على الإدارة الأمريكية، عبر توجيه رسالة مفادها أنه لا وجود لحدود أمام استهداف القوات الأمريكية في المنطقة، وبالتالي إمكانية استهداف القواعد الأمريكية في دول أخرى غير العراق وسورية، كالأردن وغيره.
قصارى القول، قد يتساءل سائل: إن لم تجد أمريكا متبرعاً يحارب معها من الدول العربية، فهل ستنسحب من المنطقة فعلاً وقد بدأت تلمس قيمة الخسائر البشرية التي تتكبدها، أو أنَّها ستخوض حرب بقائها في المنطقة؟ والسؤال الأكبر: كيف ستترك أمريكا المنطقة وربيبتها «إسرائيل» الآن في أضعف حالاتها؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار