ترامب فوبيا

طيلة السنوات الثلاث الماضية، ما بعد خسارة ترامب أمام بايدن في انتخابات 2020، لم تخرج أوروبا من «فوبيا ترامب»، وخصوصاً أن ترامب لم يخرج ولم يسمح لأحد بإخراجه من دائرة الضوء، أصرَّ على الحضور وعلى التواجد في كل زاوية وركن من رئاسة بايدن، مطلقاً أطول حملة انتخابية بدأت منذ اليوم الأول الذي دخل فيه بايدن البيت الأبيض، ومع فوز ترامب السهل والساحق في ولاية أيوا «يوم الثلاثاء الماضي» بات الجميع يتحدث عن «عودة ترامب» وكأنها قدر لا مفر منه، خصوصاً الأوروبيين الذين أطلقوا النفير العام استعداداً لأربع سنوات حامية قادمة سيكون فيها ترامب شغلهم الشاغل، بايدن نفسه أقر بأن ترامب سيكون منافسه الأكيد في الانتخابات القادمة، ما يعني أن السباق الرئاسي استقر على ترامب وبايدن.
لا يستطيع الأوروبيون إلا أن يكونوا الأكثر قلقاً من فوز ترامب المحتمل، لا شك في أنه في ولايته الرئاسية الجديدة، في حال فوزه، سيكون أكثر شدة في التعامل مع الأوروبيين، الذين يعتبرهم ضعفاء بلا فائدة، وأن الزمن تجاوزهم لمصلحة عالم جديد يرى ترامب أن بإمكانه إقامة علاقات جيدة معه، وهو العالم الذي يضم أشد وأخطر خصوم الولايات المتحدة «الصين، روسيا، كوريا الديمقراطية»، يعتقد ترامب أنه لا بد لأميركا من أن تغير كامل السياسات بعد ثلاث سنوات «مدمرة» من ولاية بايدن، وأنه وحده من يمكنه قيادة السلام العالمي وتجنيب الجميع حرباً عالمية ثالثة، هذه التصريحات ليس غريباً سماعها من ترامب، فهو دائماً ما كان يقدم نفسه كمنقذ لأميركا، واليوم يقدم نفسه كمنقذ للعالم.. لكن الغريب أن هناك من بات يعتقد بأن عودة ترامب تمثل «حاجة» وهذا الاعتقاد لا يقتصر على رأي عام أميركي بات يمنحه المزيد من نقاط القوة بمواجهة بايدن، بل هناك في أوروبا نفسها من يعتقد ذلك.
ربما كانت عودة ترامب هي حاجة فعلاً لدفع الأوروبيين باتجاه تثقيل عوامل القوة لديهم، بمعنى الاستثمار في مسألة «فوبيا ترامب» ليكونوا أكثر قوة واستقلالاً، في الأمن والدفاع والاقتصاد، لقد بُح صوت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يدعو إلى ذلك دون جدوى، لقد ضاع صوته في ظل التشتت والانقسام الأوروبي حول مسألة الاستقلال هذه وكيف يمكن لأوروبا العيش بعيداً عن الولايات المتحدة.. اليوم وبعد ما يُقارب السنتين من حرب أوكرانيا وما أفرزته من حالة استنزاف مستمرة، بات الأوروبيون أكثر ضعفاً وتبعية، وتالياً سيكونون أكثر هشاشة بمواجهة سياسات ترامب في حال فوزه.
يعتقد الأوروبيون أنهم سيكونون أول ضحايا ترامب، فالعلاقة الجيدة مع بوتين، كما يدعو ترامب، ستستدعي أن يكونوا أول الضحايا، وفي حال قرر استئناف الحرب التجارية مع الصين سيكونون أول الضحايا، وفي حال قرر أن يركز جهده العسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط فسيكونون أول الضحايا، وفي حال كان له سياسات اقتصادية أكثر تطرفاً وحدّة مما كان عليه الحال في ولايته الماضية فإن الأوروبيين سيكونون أول الضحايا.. باختصار سيكون الأوروبيون خارج جميع حسابات الربح، الأميركية والعالمية، ما سيحولهم إلى قارة تغرق في أزمات اقتصادية وأمنية تتوالى وتتفاقم.
لا يستطيع الأوروبيون لوم ترامب ولا غيره، فهذا ما صنعته أيديهم، وعندما يدعون إلى النفير العام استعداداً لعودة ترامب المحتملة فهم يعرفون جيداً أنهم لا يمتكلون وسائل المواجهة ولا الدفاع، و لا يمتلكون ما يمكن أن يفاوضوا عليه، لقد استهلكتهم أميركا، وكانت حرب أوكرانيا المحطة الأخيرة قبل أن يتم ركنهم جانباً.. هذا لن يكون حالهم فقط مع ترامب في حال فوزه، بل مع فوز بايدن أيضاً، أو أي مرشح آخر، الفارق أنه مع فوز ترامب سيكون انهيارهم أكبر وأسرع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
سيتم إطلاقها بالتوازي مع المنصة الوطنية للحماية الاجتماعية.. وزير الاتصالات والتقانة: منصة الدعم النقدي ستكون جاهزة خلال الأشهر الثلاثة القادمة بسبب ارتكاب مخالفات واقتراع الناخبين ذاتهم أكثر من مرة.. القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من مراكز حلب وريفها المقداد يعزي البوسعيدي بضحايا حادث إطلاق النار الذي وقع في محافظة مسقط ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج