غزة يا حضرة الأمم…
تشرين- ادريس هاني:
اشتدّت النّار
وعمّ الحريق
واشرأبّت أعناق الجوعى
دم، دم، دم
أجساد من فرط الكفاح
ثملت
لا هسيس نجاة
فغزّة دموع ورماد
مزرعة موت وأفران محرقة
المدينة أجهشت بالبكاء
والأرض حٌبلى
بأنفاق وجثامين موشومة
بلون الدّم والصُّمود
وأخرى باتت رماداً
تذروه ريح الصَّبا
لا ترياق في الديار
يداوي الجروح
لا حُثالة تؤنسنا
وتروي العطاشا
في قِرَب يبُست
أو بقايا فُتات
على خِوان قديم
شُلّت معابر الحياة
آنستم بالجوع والظّما
رحلتم زُرافات
تُسابقون العصافير
ما أسرعكم خطوا
وتحليقاً في الملكوت
كأنّ السماء تخطّفتكم
على حين غرّة
كأنّ مأدُبة نصر
من سماء المجد تنزّلت
على شرف غزّة
أنينكم بات لحناً
خفيظاً يتهاوى
في سلالم بوحك
على إيقاع البيات
رخيماً
تُعزف مقطوعة غزّة
في وجع مضمّخ
حتى الثمالة
بمشاعر انتصار
ووُجد مورق رضيّ
آنستم بالموت
حتى كلَّ منكم الرّدى
وغدا صمودكم الفريد
في الورى رُعباً
شطّ سيف العدوّ فتلوّى
وانكسر منه القِراب
+ + +
سلام عليك غزة هاشم
ما قُطع منك وتين
ولفظ طفل أنفاسه
احلوّ كفاحك وتعتّق
حتى طاب في الورى
واستطاب
بنكهة التّاريخ المُحلّى
ونشوة الأساطير
حين يكتبه باليمين
شهيد ترقّى في المجد
+ + +
وداعاً أيها الضمير العالمي
يا للغرابة
مذ تمأسس فيك الكذب
واستطال
أفي جرح عزّة شكّ؟
بُكم عُمي فهم لا يبصرون
كان بغزّة بشر
كانوا هناك قبل شهور
ألم نراهم معاً يصنعون الثريد؟
يتحلقون حول القهوة والمواويل
ألم تراهم أقماركم الساحرة؟
هم في حكم الغازي:
معتدون
لم يذعنوا
وكفى به جرماً
وفي سجلّ التاريخ
هم حكاية أخرى
حيث قضوا إبادة
ماذا تقولون؟
وقد احتلّ الاحتلال
ما تبقى من ضمير
يا حضرة الأمم «البهيّة»؟