أقرب وأبعد..؟

لا نعتقد أن أحداً حول العالم، خصوصاً في منطقتنا، لم يفهم لأي هدف شنت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا هجمات صاروخية على اليمن، أو لماذا هذه الهجمات كان متعمداً تسريب أخبارها قبل ما يقارب الـ24 ساعة، والذي عُد بمنزلة الإعلان المُسبق، المفهوم هدفه ورسائله ومداه، وعليه فإن أحداً لم يضع يده على قلبه باعتبار أن هذه الهجمات ستكون المنعطف الأساسي الخطير والذي لا رجعة عنه باتجاه حرب إقليمية (دولية).. من دون أن يعني ذلك أن احتمالات اتساع التصعيد والانتقال إلى حرب إقليمية ليست عالية.
اللعبة الأميركية البريطانية من وراء الهجمات على بلد عربي كانت معروفة أو لنقل مكشوفة، وسبق أن شهدناها غير مرة، وبقدر ما تعلما- والجميع يعلم- أن هذه الهجمات غير رادعة بأي شكل، بقدر ما هي عاجزة عن ترميم صورة الردع التي تعمل عليها الولايات المتحدة، لكن هذه اللعبة لا بد منها، فمازال هناك من يعتقد أن الولايات المتحدة تدير الدفة العالمية كما تريد، وهناك من يريد أن تستمر في ذلك، وهناك من هو مصيره مُعلق بها.
لكن الولايات المتحدة نفسها تخشى التصعيد، وهي إذ تعمد إليه فإنها تفعل ذلك بشكل منضبط وفق مساري التصعيد والاحتواء معاً، بحيث أنها لا تمضي في مسار التصعيد إلى نهايته ولا في مسار الاحتواء إلى نهايته، وفعلياً هذا ما تفعله مختلف الأطراف، قبل عملية «طوفان الأقصى» وبعدها، وإن كانت بعد هذه العملية أكثر انضباطاً، لناحية تحديد حجم ومدى الفعل ورد الفعل، لذلك فإننا في مسار الأحداث وسياقاتها نلاحظ بوضوح أن كلاً من الفعل ورد الفعل مدروس بعناية شديدة ليأتي وفق المرسوم له، ووفق الرسائل التي يريد توجيهها كل طرف إلى الطرف الآخر.
مع ذلك فإن هذا لا يفيد في حالة اللايقين التي تعيشها المنطقة «والعالم» وإذا كنا ما زلنا في وضعية «أقرب ما يكون إلى الحرب، وأبعد ما يكون عنها» فإن أي انفلات ولو صغير جداً في ذلك الانضباط سيجرنا إلى الحرب الإقليمية – الدولية.. ما يضاعف المخاوف هنا أن كل الأطراف تريد استغلال ذلك الانضباط للإفادة القصوى، وما يضاعفها أكثر أن الجميع في مرحلة مصيرية، ولن يفيد هنا أن هذا الجميع لا مصلحة له في التصعيد والحرب، إذا ما اعتبرنا أن حرباً عالمية تدور رحاها اليوم بصور وأشكال مختلفة لا تقل شراسة عن الحروب العسكرية، وهي تنعكس بصورة مباشرة على منطقتنا.. صحيح أن منطقتنا لا يتم التعامل معها إلا بالعسكرة إلا أن هذه العسكرة باتت هي الأخرى تحت بند الانضباط الإجباري بدليل الهجمات الأميركية البريطانية نفسها، وحتى إن تكررت كما تهدد واشنطن ولندن، فإنها لن تخرج عن دائرة الانضباط المحسوب.
الإعلام الأميركي والبريطاني نفسه لم تقنعه هذه الهجمات وهو أول من تحدث عن كونها لن تحدث فرقاً، ولن تكون رادعة، وأن العالم بانتظار رد الفعل عليها، وعلى أساسه سيتم إعادة النظر والتحليل فيما إذا كانت المنطقة أقرب إلى الحرب أم إلى الاحتواء، مع الاعتقاد الغالب أن مسألة الحرب هي بيد الولايات المتحدة، فإذا كانت تخشاها ولا تريدها فهل أن المنطقة ستستمر هكذا، (لا حرب ولا سلم)، فيما العالم يتقدم باتجاه خريطة عالمية جديدة؟
لا شك في أن المنطقة هي الخاسر الأكبر من استمرار الوضع هكذا، ومعها حلفاء المنطقة الجدد، ولأن العالم الجديد يبني دعائمه اقتصادياً، ولأن المنطقة تريد أن تكون جزءاً رئيسياً /قائداً، فإن الاستقرار هو المطلوب، ولا بد من التحرك وإعادة تدوير حالة الانضباط التي- كما يبدو- لا تخدم إلا الولايات المتحدة، في هذه المرحلة على الأقل، في ظل الحرب الوحشية الصهيونية على قطاع غزة والتي أتمت يومها الـ100، وما نشهده من حالة تعاطف عالمية مستمرة مع الشعب الفلسطيني أوصلت كيان الاحتلال الصهيوني لأول مرة في تاريخه إلى قاعات المحاكمة والإدانة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
خلال تأديته اليمين الدستورية رئيساً لولاية جديدة.. الرئيس بوتين: روسيا ستستمر في تشكيل عالم متعدد الأقطاب مجلس الشعب يبدأ أعمال دورته الـ 12.. عرنوس يقدم عرضاً حول ما نفذته الحكومة خلال الفترة الماضية.. صباغ: العمل في مجلس الشعب والحكومة متكامل كل حسب دوره اتحاد الكتاب العرب في سورية ينعى رئيس الاتحاد الأسبق الدكتور نضال الصالح حرفيو درعا يطالبون بمدينة صناعية واستكمال المناطق الصناعية المقررة وتخفيض الضرائب مجلس الوزراء يناقش مشروع صك تشريعي بمنح طلاب الدراسات العليا في كليات الطب تعويض طبيعة عمل 100 بالمئة مرسومان يقضيان بإنهاء التعيينات السابقة لأعضاء القيادة المركزية الجدد رفح وورقتها الخاسرة .. مشهد مفتوح على جميع الاحتمالات.. كيان الاحتلال يسير بمحوره على حافة الهاوية: «هذه حدود قوتنا» مشاركة سورية في بطولة اليوم الواحد لأم الألعاب موجة برَد تسبب أضراراً زراعية كارثية في أرياف حمص وطرطوس واللاذقية حماة تتصدر بطولة الجمهورية بالشطرنج