ضيقة عين..؟!

“صدقوا أو لا تصدقوا”.. أن هناك من لايزال يحسدنا نحن أصحاب “الرواتب” من “قاعدة” قديمة حديثة تقول “أقله عندكم شيء مضمون وثابت تستندوا عليه”، متناسين أن هذا الثاتب يتبخر خلال أيام قليلة، ولم نعد “نأكل على كل ضرس لون” كما الأيام الخوالي، التي كان يجد فيها كل شخص ما يناسب “جيبته”، أما اليوم فتعصر الأدمغة وتخترع سياسات تقشفية بعد ضرب أخماس بأسداس للملاءمة بين الراتب المحسودين عليه وتكاليف المعيشة المرهقة، المقدرة بـ 5 ملايين ليرة لعائلة مؤلفة من 5 أفراد بينما تنكمش قيمة هذا “الراتب” المطموع فيه يومياً مع كل ارتفاع في أسعار السلع.

وعموماً رغم كلام “الحاسدين”، مازلت أشعر بقوة “راتبي” وبركته على أقل نفسياً من باب الاستقلال المادي، وبناء على هذا الشعور “الجميل” أحمل نفسي أول الشهر بكل ثقة لشراء بعض الاحتياجات اليومية، حيث قررت مثلاً شراء طبخة “خضرة” بعدما ملّت “معدتنا” من دسم اللحوم، التي خرجت منذ فترة من حسابات ذوي الدخل المحدود، فاليوم كيلو اللحمة يساوي تقريباً نصف راتب الموظف، والفروج ثلثه تقريباً، لكن المفاجأة كانت بأسعار الخضر المرتفعة التي لا تقل غلاءً، وكأننا لسنا بلداً زراعياً ولا هم يحزنون، فبورصة البندورة وصلت إلى عشرة آلاف ليرة وسعر الفول والفاصولياء والفليفلة وصل إلى عشرين ألفاً، وهنا قد يقول قائل إن هذه الأسعار “عادية” كونها منتجات شتوية حتى لو كانت محلية الإنتاج، الذي ارتفعت مستلزماته أضعافاً على الفلاح، ما يرفع أسعارها إلى مستويات جنونية، لكن الطامة أن “أخونا” الفلاح لا يحصل من “الجمل أذنه” ويتعرض دوماً للخسارة كحالنا نحن المستهلكين، الذين تؤخذ الأرباح من جيوبهم دوماً، وهو ما أكده لنا أحد تجار سوق الهال بحلب عند سؤاله عن أسباب ارتفاع أسعار الخضر الشديد ليرد ذلك إلى التصدير وارتفاع تكاليف الإنتاج ورفع مجلس المدينة إيجار المحال عليهم فجأة إلى أرقام فلكية ستحصّل حسب قوله من جيوب المستهلكين، كما يحصل عند رفع سعر أي سلعة أو خدمة.
عدت أدراجي مرفوعة الرأس مع كسرة بالجيب بعد أن قررت شراء فروج تجاوز سعره مئة ألف ليرة، حيث يبقى غلاؤه أرحم من أسعار الخضر، التي تقارب إعداد طبختها الواحدة هذا الرقم تقريباً، لكن أدركت بعد “صفنة مرتبة” أن انخفاض قيمة “راتبي” ليس سببه التضخم وعدم تحسين سلم الرواتب بما يتناسب مع أسعار المنتجات الفلكية، حتى لا نبقى دوماً في خانة كيل التهم يمنة ويسرة صوب صنّاع القرار وتحميلهم المسؤولية عن هذا الواقع الصعب، فعلى ما يبدو أن أحد الأسباب أيضاً يتعلق بحسد وضيق عين ممن لا يملكون شيئاً ثابتاً يستندون إليه كرواتبنا “المباركة” والله وأعلم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار