تشوه عمراني
لا تتشكل جمالية المدن والبلدات، إلّا بالتخطيط العمراني الناجح للمناطق السكنية، الذي يراعي التوزع المناسب للمباني ويحدد ارتفاعاتها والمسافات فيما بينها، وكذلك مسار الطرق التي تخدمها وأبعادها لتمكين الوصول إليها بيسر وسهولة، إضافة إلى لحظ الحدائق والمسطحات الخضراء التي تعد متنفسات حيوية للسكان وسط كتل البيتون.
ولا شك في أن التصميم والتنظيم العمراني مهما كان مناسباً وناجحاً، لا يجدي نفعاً إذا بقي حبراً مسطراً على ورق، بل ينبغي أن يكون مقترناً بالتطبيق الصارم على أرض الواقع، بعيداً عن ارتكاب أي مخالفات لضابطة البناء المحددة بموجبه.
المُلاحظ في الواقع، وخاصةً في الأرياف، أن هناك فوضى عارمة على صعيد تشييد الأبنية السكنية، إذ إن معظم الأهالي يتهربون من الترخيص اللازم لدى الوحدات الإدراية، ومن عمل المخططات الهندسية لدى نقابة المهندسين وما يستتبعها من إشراف على التنفيذ يضمن السلامة الإنشائية، مستغلين الظروف السائدة وعدم مقدرة تلك الوحدات على ردعهم.
والأمر لا يقف عند هذا الحدّ، بل هناك مخالفات أخرى تتمثل بعدم ترك الوجائب المحددة تجاه الأبنية الأخرى والطرقات، وحتى التجرؤ بالتجاوز والبناء على أجزاء من الطرقات أمامها، أو من الحدائق وغيرها من الأملاك العامة الأخرى المخصصة لغايات إدارية وخدمية، في حال كانت ملاصقة.
والنتيجة من جراء ارتكاب كل تلك المخالفات، تشوه المشهد العمراني العام، وارتباك الحركة المروية على الطرقات، والإضرار بالنفس والجوار السكني نتيجة تدني الإنارة والتهوية، إضافة لاحتمال ضعف السلامة الإنشائية لغياب المعايير الهندسية.
المأمول إزاء ما تقدم، تعزيز الوعي لدى عامة الناس أن الالتزام بنظام ضابطة البناء وعدم التعدي على الطرقات والأملاك العامة والتنفيذ وفق الاشتراطات الهندسية، هو في مصلحة الجميع، بالتوازي مع ضرورة استعادة الوحدات الإدارية لدورها بالتنسيق والتعاون مع المجتمع المحلي والجهات المختصة، في سبيل الحد من مخالفات البناء ومنع أي تعديات على الأملاك العامة.