من خلال المتابعة لمراحل العمل الصناعي، والتي تمتد لسنوات طويلة، كتبنا فيها الكثير عن الخطط والاستراتيجيات التي وضعت لتطوير الصناعة الوطنية، ليس على المستوى العام فحسب، والخاص أيضاً، مع محاولات كانت أكثر من جادة للتطبيق والتنفيذ الفعلي على أرض الواقع، خاصة التي وصفت الواقع بشكل فعلي، ولامست الهموم والمشكلات، والأهم من ذلك توفير الإمكانات المادية والبشرية لتنفيذها، إلا أنها اصطدمت بواقع أشد مرارة من عدم التنفيذ ألا وهو “فقدان الرغبة بالتنفيذ”، لأسباب تارة تتعلق بالأشخاص، وأخرى بظروف موضوعية فعلها يفوق طاقة الجميع، من دون أن ننسى وزراء تركوا بصمات تستحق التقدير، لكنها لم تنضج في حينها، لأسباب تحكمت أيضاً بظروف العمل وطبيعة عمل المفاصل الأخرى، وحجم تعاونها لاسيما قيادات الصف الثاني ومن يتبعهم بالمسؤولية عن تطوير القطاع الصناعي ..!
الأمر الذي وضع صناعتنا بكل مقوماتها على مفترق طرق، يفرض علينا صعوبة الاختيار بين ممكنات التنفيذ، التي لا تحمل خزينة الدولة أعباء مالية كبيرة نحن في أمس الحاجة لها، في ظل الظروف الراهنة، وبين اتخاذ القرار المناسب لإنقاذ ما تبقى من صناعاتنا والحفاظ على ماء وجهها قدر الإمكان، وفق ما هو متاح من إمكانيات مادية وبشرية، يتم تسخيرها لإنجاز ما يمكن إنجازه ولو بالحدود الدنيا..!
والسؤال هنا.. هل تفعلها وزارة الصناعة وفق رؤيتها التي خبرناها عن قرب، في ترجمة الكثير من الرؤى، التي حددت هويتها استراتيجيات ومشاريع قوانين، لإحداث متغيرات جديدة مازالت حبيسة دروج المكاتب وجهاتها المعنية، في ظل ظروف أحوج ما نكون فيها لترجمتها، وخاصة مع ما خلفه الإرهاب من تدمير للنسيج الصناعي بكل أبعاده..؟!
وهنا أذكر القليل من مضمون هذه الاستراتيجيات ومشاريعها، ، الأمر الذي يرتب كامل المسؤولية على الوزارة، بكل كوادرها لطرحها من جديد ، لاسيما المتعلقة بإعادة النظر ببعض التشريعات الناظمة لعمـل القطاع الصناعي، وإصدار تشريعات أخرى تشكل بيئة عمل مساعدة لرفع القدرة التنافسية لهذا القطاع، بعد أن تآكلت بفعل ظروف الحرب والعقوبات الاقتصادية وغيرها..!
وهذا الأمر يقودنا إلى مضامين أخرى تبنتها تلك الاستراتيجيات، لاسيما لجهة إحداث مركز التحديث الصناعي لتأهيل وإعادة هيكلة المنشآت الصناعية، وإحداث صندوق التنمية الصناعية ومركز فني لقطاع النسيج، وهيئة ناظمة للجودة بقصد تطوير منظومة البنية التحتية لها، وقانون تقييم المطابقة، وقانون جديد للتقييس ينظم عملية وضع المواصفات، من دون أن نتجاهل إحداث قانون لتنظيم المخابر الصناعية، وآخر لرقابة الأسواق..
وما ذكرناه هو “غيض من فيض” لما حوته تلك الرؤى والاستراتيجيات والتي تقدر بالعشرات، حملت مضامين مع وقف التنفيذ ، فهل تفعلها الوزارة وتعيدها إلى غرفة الإنعاش من جديد، والاستفادة منها في تطوير النسيج الصناعي بما يتلاءم مع تطورات هذه المرحلة..؟ .
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
164 المشاركات