في اليوم الـ65.. العدوان على غزة مستمر لأشهر.. الكيان يُعلن البحر الأحمر «تهديداً استراتيجياً» ويهدد بتحرك عسكري!.. وجبهات الإقليم تزداد سخونة والعراق يتحول إلى معضلة لأميركا
تشرين- مها سلطان:
في اليوم الـ65 للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، برزت مسألتان، إحداهما تنذر – عملياً – بتوسيع جبهة غزة وبصورة ستكون لها امتداداتها الإقليمية بلا شك.
المسألة الأولى تتركز على توقيت إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، وما رافقها من جدل خصوصاً لناحية ما يُقال عن خلافات بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة حيال التوقيت، وأن هذه الأخيرة أمهلت الكيان شهراً ليُنهي عملياته العسكرية في قطاع غزة، وكان الكيان نفسه تحدث عن مهلة الشهر، وبدا أنه سينهي عملياته فعلاً خلال شهر، لولا أن مسؤولي الكيان أعلنوا اليوم بشكل واضح أن مهلة الشهر متعلقة فقط بخان يونس، أما بقية مناطق القطاع فهي تحتاج إلى أشهر، وستكون الهجمات عليها مكثفة جداً خلال الشهرين المقبلين.
وحسب «القناة 13» الإسرائيلية فإن متزعم حكومة الكيان بنيامين نتنياهو أجرى اتصالاً مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أوضح من خلاله أن العملية العسكرية الإسرائيلية في خان يونس ستستمر ما بين 3 و4 أسابيع، أما في بقية مناطق القطاع فإن الكيان يقدر بأنها تحتاج إلى شهرين آخرين على الأقل.
إدارة بايدن لا تضغط على الكيان بصورة جدية وحاسمة لوقف العدوان بل تدعمه بـ«تسليح طارئ» وبـ«فيتو» يجدد رخصة القتل والتدمير ضد غزة وأهلها
خلافات أميركية – إسرائيلية
ويقر نتنياهو بوجود خلافات مع الولايات المتحدة حول هذه المسألة، من دون التطرق إلى التفاصيل، أو ما إذا كانت إدارة بايدن تمارس ضغوطاً من النوع الذي تبدو معه جدية وحاسمة في إمهال الكيان لوقف عملياته العسكرية، لكن كما يبدو فهي غير جدية ولا حاسمة، وتجلى هذا في أمرين، الأول الـ«فيتو» الذي استخدمته إدارة بايدن في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة، والأمر الثاني هو دعم الكيان بشحنة أسلحة جديدة وبصورة التفافية على كل الأصوات الرافضة والمعارضة لهذا الدعم، حيث لجأت إدارة بايدن إلى «سلطة الطوارئ» للسماح بـ«التسليم الفوري» لـ14 ألف قذيفة دبابة للكيان، ومن المعروف أن «سلطة الطوارئ» تمنح الرئيس سلطة السيطرة على استيراد وتصدير العتاد العسكري من دون الرجوع إلى الكونغرس.
هذا الدعم «الذي يتضمن أيضاً ذخيرة مضادة للدبابات من عيار 120 مم شديدة الانفجار ومتعددة الأغراض»، يُسحب من المخزون الحالي للجيش الأميركي، ويعد هذا الدعم جزءاً من عملية أكبر، حيث تطلب إدارة بايدن من الكونغرس الموافقة على حزمة تتضمن 45 ألف قذيفة لدبابات «ميركافا» التي تستخدم في العدوان على غزة، الذي بات يُقارب عدد ضحاياه منذ الـ7 من تشرين الأول الماضي حدود 20 ألف ضحية من أهل غزة، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، وعشرات آلاف المصابين، وهو رقم غير نهائي طبعاً ما دام العدوان مستمراً.
الكيان وأميركا في مركب واحد إذا ما تحدثنا عن حال مصيرية تتجاوز غزة.. استمرار العدوان مصلحة أميركية ما دامت امتدادات جبهة غزة ضمن القدرة الأميركية على الضبط والتحكم
سلطة الطوارئ
ومن المعروف أن خلافاً بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس حال دون الموافقة على الدعم الجديد للكيان الإسرائيلي، ما دفع بايدن لاستخدام «سلطة الطوارئ»، ورغم أن الخلاف لا يتعلق بغزة ولا بضحايا العدوان الإسرائيلي عليها، وإنما بخلافات حول الهجرة على الحدود الجنوبية، إلا أن هذا الخلاف، الذي قاد إلى عرقلة دعم الكيان عسكرياً، تم اعتباره سابقة، إذ لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة مثل هذا الأمر، فكيف الحال والكيان اليوم في حالة حرب مصيرية.
في كل الأحوال، ما سبق معناه أن العدوان مستمر لشهرين على الأقل، وليس لنهاية العام فقط، وهذا ما أوضحه الكيان بصورة لا لبس فيها، كما أن كل ذلك الحديث عن خلافات بين الكيان وواشنطن لا يُعتد به لناحية وقف العدوان على غزة، ففي النهاية كلا الجانبين في مركب واحد إذا ما تحدثنا عن حال مصيرية تتجاوز غزة إلى كل الإقليم، وعليه فإن استمرار العدوان هو مصلحة أميركية أيضاً ما دامت امتدادات جبهة غزة ضمن السيطرة أو ضمن القدرة الأميركية على الضبط والتحكم.. لكن هذا إلى حين، ودائماً كل السيناريوهات ممكنة.
معادلة باب المندب
المسألة الثانية متعلقة بمعادلة باب المندب/البحر الأحمر وتطوراتها باتجاه اكتساب عناصر أشد زخماً ودفعاً وبما ينقل هذه المعادلة إلى «مستوى التهديد الاستراتيجي»، حسب التعبير الحرفي لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، التي حذرت من أن التطورات على جبهة البحر الأحمر قد تُشعل مواجهة عسكرية دولية.
يأتي ذلك في أعقاب رفع المقاومة اليمنية «أنصار الله» من مستوى تحركها العملياتي مُعلنة مساء أمس السبت، في بيان، أن كل السفن في البحر الأحمر المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي هدفٌ لها أياً تكن جنسيتها، إذا لم تدخل إلى قطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء، ورداً على الـ«فيتو» الأميركي في مجلس الأمن.
كيف سيتحرك الكيان عسكرياً في البحر الأحمر.. هل يقصف اليمن مفجراً أولى جبهات الإقليم؟ وهل هناك توافق مع واشنطن على ذلك في حال فشل التحالف الدولي الذي تسعى إلى تشكيله في البحر الأحمر؟
وأشار البيان إلى أن قرار المنع جاء بعد نجاح المقاومة اليمنية في «فرض قرارها منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحر الأحمر والعربي ونتيجة لاستمرار العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر المروعة وحرب الإبادة والحصار بحق إخوتنا في غزة وهذا القرار يدخل حيز التطبيق منذ لحظة الإعلان.
في أعقاب هذا القرار أعلن الكيان الإسرائيلي أنه سيتحرك عسكرياً في البحر الأحمر في حال لم يكن هناك تحرك دولي، ونقلت «القناة 13» الإسرائيلية عن تساحي هنغبي رئيس ما يسمى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أنه تم إبلاغ الولايات المتحدة والقادة الأوروبيين بذلك، مضيفاً: إن نتنياهو أبلغ بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز بأن «إسرائيل تمنح العالم بعض الوقت لتنظيم صفوفه من أجل منع ذلك»، وأشار هنغبي إلى أن نتنياهو أكد لهم أنه «إذا لم يكن هناك ترتيب عالمي «لأنها قضية دولية» فإن إسرائيل ستتحرك عسكرياً تجاه هذا الأمر».
تشكيل تحالف دولي
وفعلياً تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف دولي بمواجهة «أنصار الله» من جهة، ولمنع توسع جبهة غزة إقليمياً من جهة ثانية، خصوصاً باتجاه اليمن/البحر الأحمر، حيث لا تملك الإدارة الأميركية أوراق القوة والضغط اللازمة، هذا عدا أن سعيها إلى تشكيل تحالف دولي في البحر الأحمر دونه عقبات كثيرة، من ضمنها دول المنطقة المعنية التي تبدو حذرة إزاء هذه الخطوة، في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة والتي ترسم بصورة كبيرة معالم المستقبل لناحية الاستقطابات والاصطفافات الدولية.
حتى الإعلام الإسرائيلي يشكك في نجاح مثل هذا التحالف، فصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أكدت أن الوجود الأميركي والإسرائيلي في البحر الأحمر «لا يبدو أنه ينجح في الردع»، في إشارة إلى دوريات السفن التي تسيّرها أميركا والكيان في البحر الأحمر تساندها سفن بريطانية وفرنسية، «وكانت البحرية الفرنسية أعلنت في بيان اليوم أن إحدى قطعها البحرية المنتشرة في البحر الأحمر الفرقاطة «لانغدوك» اعترضت طائرتين مسيّرتين أطلقتا من الأراضي اليمنية، ولم يوضح البيان ما إذا كان هدف المسيّرتين الفرقاطة نفسها، أم الكيان الإسرائيلي».
واعتبرت «هآرتس» أن الأمر قد يتطلب استعراضاً كبيراً للقوة في المستقبل القريب.
جبهات أخطر
لكن الصحيفة نفسها اعتبرت أن جبهات أخرى لا تقلّ خطورة عن جبهة البحر الأحمر، مشيرة بشكل خاص إلى الجبهة العراقية التي تزداد سخونة لتشكل مُعضلة حقيقية للولايات المتحدة مع ارتفاع حجم الهجمات التي تتعرض لها القواعد الأميركية في العراق وسورية، وآخرها استهداف السفارة الأميركية في بغداد، واعتبرت «هآرتس» أن الوضع في العراق «أكثر تعقيداً» في ظل عجز إدارة بايدن عن حماية المصالح والقوات الأميركية في العراق وسورية.