لننتظر حتى الثلاثاء..؟

تخلف إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، عن الركب الأوروبي الذي تقاطر إلى الكيان الإسرائيلي لتقديم فروض الدعم وبيانات القبول بما يرتكبه هذه الكيان، وما زال، من مجازر ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.. رغم أنه في الأساس لم يكن لينتظر منهم ذلك، فهو حصل مسبقاً من الرئيس الأميركي جو بايدن على «شيك على بياض» لمواصلة هذه المجازر وتعميمها وتعميقها إلى مداها الأعلى.
مع ذلك هم مٌجبرون على التقاطر، وتقديم الدعم، وإلا فإن الغضب الأميركي سينزل فوق رؤوسهم، وهم المحاصرون مع دولهم، بالأطماع الأميركية، والتقيد بالعمل على تنفيذها حتى لو كانت ضد مصالحهم، ولنا في أوكرانيا خير مثال.
أما ماكرون، الذي شذَ عن القاعدة، على غير المتوقع، وبشكل فاجأ المراقبين، فهو لم يفعل ذلك دعماً للفلسطينيين، أو إنه يريد انتهاج سياسة جديدة تقوم على الحياد نوعاً ما، أو المضي بخيارات مختلفة، وهو الذي وقر آذان نظرائه الأوروبيين طيلة الفترة الماضية، بأن عليهم الافتراق عن أميركا في الكثير من القضايا العالمية، خصوصاً تلك التي تمس الأمن الأوروبي بصورة مباشرة، والأمن الاقتصادي الذي بات على المحك بعد حرب أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، والتي ألزمهم بها الأميركي.. وبعبارة أدق، أجبرهم عليها.
إذاً، لماذا لم يزر ماكرون الكيان الإسرائيلي حتى الآن؟
يقول ماكرون إنه سيزور «إسرائيل» بلا شك، ضمن جولة شرق أوسطية، ولكن ليس على الفور.
لماذا.. ماذا ينتظر؟
يجيب ماكرون بأنه لا يزال يجري مناقشات ويدرس هذه الزيارة، مشدداً على سعيه «لتحقيق اختراقات مفيدة خلالها».
متى تنتهي المناقشات والدراسة؟
لا يجيب ماكرون، فيما قصر الإليزيه يُفضل عدم الحديث عن الزيارة.
محللون فرنسيون يرون أن الوضع معقد للغاية، وأن ماكرون فضل التريث، ولكن يتساءلون في الوقت نفسه: إذا كان سوناك وشولتز زارا «إسرائيل» فلماذا يتريث ماكرون؟
وإذا ما وسعنا دائرة التساؤل: هل يخشى ماكرون القيام بالزيارة، على قاعدة أن التريث، آنف الذكر، يصب بشكل ما، في دائرة الخشية من التورط – في المرحلة المقبلة – بسيناريوهات أوسع من مسألة تقديم الدعم للكيان الإسرائيلي.. فإذا ما وقعت الحرب الإقليمية التي يُحذر منها الجميع، لا شك في أن أميركا ستجر جميع الأوروبيين معها.. وتالياً، هل يرسل ماكرون من الآن إشارات بأن بلاده لن تشارك؟
مبدئياً، كان هناك توقعات، في وسائل الإعلام الفرنسية، بأن زيارة ماكرون للكيان الإسرائيلي ستتم يوم الثلاثاء المقبل، أي بعد يومين من الآن، فإذا ما حدثت فعلاً وكانت مجرياتها ضمن السياق الأميركي-الأوروبي، نكون أخطأنا في القراءة والتحليل، وإذا لم تحدث سيكون لذلك حديث آخر، وحتى لو تأخرت أيضاً سيكون لذلك حديث آخر، من دون أن يعني ذلك أن فرنسا ستشذ بالمجمل عن المسار الأوروبي في التبعية لأميركا، ولكن قد يكون هناك اختلاف من نوع ما، وهذا ليس كرمى للفلسطينيين بقدر ما هو اختلاف لمصلحة فرنسا، ولكن حتى لو كان الأمر كذلك، فهذا مؤشر يجب عدم إغفاله.. ولننتظر حتى الثلاثاء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار