مستقبل بريكس “بلاس” والمناطق النقدية الدّوليّة؟
تشهد الساحة الاقتصادية العالمية معالم مشاريع صراع لمناطق نقدية جديدة تشبه مرحلة ماقبل الحرب العالمية الثانية وانعقاد مؤتمر (بريتون وودز Bretton Woods) في ولاية (نيوهامشر الامريكية) وبحضور /44/ دولة استمرّ /22/ يوماً سنة /1944/ وبعدها أصبح الدولار على رأس العملات العالمية، وحالياً ومع ظهور قوى اقتصادية وسياسية وحتى نوويّة جديدة تغيرت معالم القوة الاقتصادية وتراجع الصوت الدولاري العالمي في المعاملات الاقتصادية والمالية والتجارية، وظهر هذا واضحاً في اجتماع وزراء خارجية مجموعة البريكس والتي توسعت سنة /2023/ لتضم /6/ دول ناشئة والناتج الإجمالي للدول المنضمة أكثر من /3000/ مليار دولار وهي: إيران- السعودية- الإمارات العربية المتحدة- مصر- الأرجنتين- إثيوبيا، وأصبح عدد أعضاء المجموعة/11/ دولة، فهل تغير مجموعة بريكس اسمها إلى اسم (بريكس بلاس +) أو غيره، والمجموعة تمتلك الكثير من الثروات سواء، النفط والغاز وأنواع كثيرة من المعادن والأرض الزراعية والسياحة والقاعدة الصناعية وموارد وخبرات بشرية متميزة وطاقة نووية كبيرة وفيها دولتان (روسيا والصين)، دائمتا العضوية في مجلس الأمن وتمتلكان حق الاعتراض Veto ..إلخ.
عقدت المجموعة اجتماعاً لوزراء خارجيتها لمدة يومين 10و11/6/2024 في روسيا مدينة (نيجني نوفورد) وبعد منتدى (بطرسبورغ الاقتصادي) تمهيداً لعقد قمة البريكس الموسعة /16/ القادمة في روسيا، وتشكل المجموعة أكثر من /40%/ من سكان العالم وأكثر من /45%/ من مساحته، وتمّ وضع خارطة طريق ومشاريع قرارات سياسية واقتصادية، أهمها: مواجهة القطبية الأحادية والدعوة لعالم متعدد الأقطاب، قائم على العدالة والمساواة والحد من سيطرة الدولار من خلال التعامل بالعملات الوطنية بديلاً عن الدولار- تطوير الشراكة الإستراتيجية بين دول المجموعة وغيرها من المنظمات الدولية مثل (شنغهاي والاتحاد الأوراسي وسيلاك وألبا في أمريكا اللاتينية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وغيرها – تعميق التعاون في كل القطاعات الاقتصادية من نفط وغاز وصناعة وسياحة وزراعة ونقل وتعليم والحوكمة ودعم النمو والتنمية ومكافحة الفقر والبطالة- تطبيق الشرعية الدولية والاعتراف بالدولة الفلسطينية ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بعد اعتراف أكثر من /75%/ من دول العالم بها وتوقيف الحرب على غزة وإيصال المساعدات وإعادة الإعمار لكن تم إجهاض كل هذه الأمور بقرار الاعتراض Veto الأمريكي!- تقليل بؤر التوتر والصراعات العالمية- عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول..إلخ، وتأتي أهمية هذه القرارات بعد التحولات السياسية الأوربية الكبيرة في القارة العجوز وفوز الأحزاب اليمينية في الانتخابات البرلمانية الأوربية وبنسبة أكثر من /51%/ ما قد يدفع القادة الأوربيين للتفكير بإجراء تعديلات برلمانية داخلية بدأنا نتلمسها في قاطرتي الاتحاد الأوروبي (ألمانيا وفرنسا) وتراجع حزبي شولتز وماكرون، وغيرهما بسبب فشل السياسات الاقتصادية الأوربية التابعة والخاضعة لأمريكا وفرض عقوبات على دول العالم ما أضر بمصلحة المستهلك الأوروبي وتراجعت المؤشرات الاقتصادية فارتفع معدل التضخم والبطالة ونقصت سلاسل التوريد وزيادة بؤر التوتر الاجتماعي مقابل تحقيق أرباح كبيرة للشركات الأمريكية على حساب المصالح الأوروبية التي تتصاعد مشاكلها ولا سيما أن روسيا اتخذت قرارها التاريخي باستمرار تسويق منتجاتها كلها، وخاصة الغاز والنفط، بالروبل الروسي أو بعملات الدول الصديقة، أي الاستغناء عن الدولار الأمريكي واليورو، علماً أن أوروبا تستورد أكثر من/30%/ من النفط و /45% / من الغاز الروسيين، فمن أين ستؤمن أوروبا (الروبلات أو الذهب أو اليوان الصيني الذي أصبح عملة معتمدة في سلة الاحتياطيات النقدية الروسية)، لشراء احتياجاتها، وخاصة أن أغلب الدول الأوروبية لم يتوفر البديل لها عن السلع الروسية؟ وأين مصلحة أوروبا من تجميد الأصول الروسية ومحاولة تحويلها لأوكرانيا لإطالة الحرب الروسية الناتوية بالدماء الأوكرانية- الروسية!.
تجدر الإشارة إلى أن الحرب التجارية الصينية- الأمريكية مستمرة وتتصاعد، هل تقول مجموعة البريكس كلمتها في السوق النقدية العالمية وتمتلك كل المقومات اللازمة، وحسب المصادر الغربية كانت الدول الخمس المؤسسة للمجموعة سنة /2023 / تشكل بحدود /33%/ من الاقتصاد العالمي وسبقت لأول مرة دول السبع الصناعية بحدود /31%/ فكيف سيكون الوضع عليه الآن بعد تحول المجموعة إلى (بريكس بلاس + )؟ أم ستظهر عملات جديدة وينهار الاتحاد الأوروبي وتظهر مناطق نقدية مثل (الفرنك الفرنسي والمارك الألماني والبيزو الإسباني)، كما خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سابقاً واعتمدت على منطقة (الجنيه الإسترليني)، كل هذا سيتوضح بعد قمة البريكس بلاس القادمة ومصلحتنا في سورية السرعة للحصول على العضوية الكاملة في هذه المجموعة.