ملف «تشرين».. القانون فتح الباب واسعاً أمام الوحدات الإدارية لاستثمار مواردها.. التردد وقلّة خبرة رؤساء و أعضاء المجالس أضاعا فرصاً من ذهب
تشرين – ماجد مخيبر:
المجالس المحلية والوحدات الإدارية هي المسؤولة عن معظم الخدمات والاحتياجات المقدمة ضمن المحافظات والمدن والبلدات وصولاً إلى الأحياء وترصد لها الموازنات اللازمة، إضافة لمهامها في إقامة الاستثمارات وخلق فرص العمل والتشاركية في الاستثمار بين المجالس المحلية ومتمولين في مضمار عملها، فهل القانون يسمح بذلك ويسهل، وما هي المعوقات، وماذا تحتاج لتفعيلها؟
المستشار الاقتصادي الدكتور عبد القادر عزوز يرى أن قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 حدد في المادة /2/ الهدف من القانون وتحدث في الفقرة الثانية من المادة /2/ حول إيجاد وحدات إدارية قادرة على القيام بعمليات التخطيط والتنفيذ ووضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي (وضع الخطط وتنفيذها) وفي الفقرة الثالثة تحدث أيضاً عن ضرورة تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية لتمكينها من ممارسة دورها التنموي في المجتمع المحلي بالإضافة إلى الدور الخدمي، كما تحدث عن ضرورة تطوير الفرص الاقتصادية والتنموية بهدف مساعدة الوحدات الإدارية على إيجاد فرص عمل وتأمين حالة تكامل بين الدور الخدمي والتنموي وبالتالي قانون التشاركية رقم 5 لعام 2016 يشكل أساساً تستطيع من خلاله الوحدات الإدارية أن تعمل على تنفيذ مواد القانون 107 الذي ينص على ضرورة تعزيز الإيرادات المالية وأن تقوم بتطوير الاقتصاد المحلي ضمن نطاق عملها، ولاشك يكون الأمر من خلال التشاركية مع رجال الأعمال والمستثمرين ولابدّ من إعطاء فسحة ومجال لممارسة هذا الدور وأن يكون لها الصلاحية الكافية لإبرام العقود فيما يخص هذا الجانب.
كما أشار عزوز إلى أنه من خلال تقييم أداء عمل الوحدات ودورها التنموي نلاحظ أن هناك الكثير من نصوص القانون لم يتم تفعيلها وتحويلها إلى واقع فعال والمساعدة بالنهوض في المجتمع وتحقيق النمو المتوازن، كما أن أبرز المعوقات التي تعوق عملها هو تداخل الأدوار بين السلطات المركزية والمحلية والنزوع إلى تعظيم السلطة المركزية واختصاصات رئيس مجلس المحافظة والمحافظ المعين بمرسوم جمهوري وصلاحياته الواسعة وهذا يظهر الطبيعة المركزية إلى الآن لنظام الإدارة المحلية ونحن نتطلع كما هو توجيه السيد الرئيس لتعزيز دور اللامركزية الإدارية وأن تأخذ كافة الوحدات الإدارية دورها في هذا الجانب.
عزوز : تفعيل قانون التشاركية بين العام والخاص
ونقل المزيد من الصلاحيات المركزية إلى مجالس المحافظة والمدن والبلديات
ومن المعوقات أيضاً أن الكثير من أعضاء المجالس المحلية ليس لديهم الدراية حول آلية تنفيذ الدور التنموي الواجب وكيفية القيام بالتشاركية والتشبيك الذكي مع مجتمع الأعمال والشركات في هذا الجانب وأيضاً هناك عدم الدراية الكافية.
ومن المقترحات أن يكون هناك مجال واسع أمام المجالس المحلية لإيجاد فرص استثمارية بالتشاركية مع القطاع الخاص والمتمولين وبالتالي توليد الموارد الذاتية اللازمة وحتى لا يكون هناك إرهاق للموازنة العامة وتغطية الإنفاق العام وضرورة تفعيل قانون التشاركية بين العام والخاص رقم 5 لعام 2016 وأيضاً نقل المزيد من الصلاحيات المركزية إلى مجالس المحافظة والمدن والبلديات فيما يتعلق بشؤونها وأيضاً اقتراح إقامة ندوات ودورات تدريبية تأهيلية لأعضاء المكاتب التنفيذية وشرح قانون الإدارة المحلية وقانون التشاركية وقانون إبرام العقود بين العام والخاص من أجل الوصول إلى صيغة لتفعيل عمل الوحدات الإدارية وبالتالي تلبية احتياجات سورية في مرحلة إعادة الأعمار وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة.
التموضع بمسار إيجابي مستدام
المستشار الاقتصادي الدكتور زياد أيوب عربش أشار إلى أهمية تفعيل قوى المجتمع بتراكيبه المختلفة في سياق التشاركية ومن خلال إعداد وصياغة وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية المحلية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية ولاسيما أن قانون الإدارة المحلية أعطى الصلاحية للمجالس المحلية وتبقى مؤشرات التنفيذ والتصحيح والمراقبة والتصويب المؤثر لتنفيذ هذه الخطط.
عربش: تنمية قدرات المجتمعات المحلية لاستغلال مواردها والفرص الكامنة فيها بطرق ابتكارية تفاعلية
كما بيّن عربش أنه بفعل التغيرات العالمية والإقليمية المتسارعة لجهة انعكاسات الأزمات العالمية الأربع (الغذاء، الطاقة، المال، التنمية المستدامة) والاستقطابات العالمية في العالم اللاقطبي، ودور الدولة ككل بركائزها في مواجهة هذه التغيرات ومفاعيل الحرب على سورية والاستثمار في المستقبل ومن أجل المستقبل لا بدّ من اعتماد مقاربات تنموية تركز على اقتصاديات المكان والتنميات المحلية والمكانية للاستغلال الأمثل للحيز الجغرافي (بغضّ النظر على المكانية) وتنمية قدرات المجتمعات المحلية على استغلال مواردها والفرص الكامنة فيها بطرق ابتكارية تفاعلية ومؤشرات مستدامة ذات نفع عام.
الإدارات المشتركة
المحلل الاقتصادي فاخر قربي بيّن في تصريح لـ«تشرين» أن هناك مهامَّ كبيرة تقع على عاتق مجالس الإدارة المحلية في ظل تحسن الظروف ومرحلة إعادة الإعمار، فهي المساهم الفعلي في هذه المرحلة، باعتبارها الأقدر على معرفة وتقدير حاجات المواطنين، ما يجعل التعويل عليها بعد عودة الحياة الطبيعية إلى مختلف المناطق حيث تمارس كل اختصاصاتها وصلاحياتها التي حددها لها قانون الإدارة المحلية، فلا توجد عوائق أو ظروف تمنعها من ممارسة دورها المطلوب على المستوى المحلي ولا دخل للظروف الخارجية بأداء عملها وواجبها تجاه الوحدات الإدارية.
ومن بين النقاط المضيئة، حسب المحلل الاقتصادي فاخر قربي، أن القانون أتاح أمراً مهماً هو موضوع الإدارات المشتركة كأن تقام مشروعات مشتركة في أكثر من وحدة إدارية، وقد تكون دائمة أو مؤقتة ومن الممكن طلب العون والمشورة من المحافظة أو من المجلس التنفيذي باعتبار أن لديه الخبرة والإمكانات بتقديم المساعدة، لكن بطلب من الوحدة الإدارية، فلا توجد وصاية لوحدة إدارية على وحدة إدارية أخرى والعلاقة أفقية وليست عمودية، وبإمكان المجلس اتخاذ كل القرارات وإيجاد البرامج والمخططات ضمن السياسة العامة للدولة، فالمادتان رقم 30 و60 من القانون أوجدتا اختصاصات وصلاحيات هائلة وما على المجالس المحلية إلّا أن تقوم بتنفيذها وفي حال التقصير تم وضع حد لكل الممارسات المخالفة وفق القوانين.
قربي: قانون الإدارة المحلية أتاح إقامة مشاريع مشتركة بين أكثر من وحدة إدارية
ويتابع قربي: بما أن القانون ألزم المجالس بوضع خطة لأربع سنوات وهي عمر المجلس ويمكن أن تكون هذه الخطة قصيرة الأمد لسنة أو متوسطة لسنتين أو طويلة لمدة أربع سنوات فمن واجبه أن يقوم بندوات دورية لإطلاع المواطنين على ما قام به وموافاة الوزارة بخططه وبرامجه من أجل التصديق عليها، ويجب أن نشهد في المرحلة المقبلة دوراً رقابياً على نسب تنفيذ الخطط الموضوعة وعلى خطط وإجراءات المجالس المحلية، وضرورة أن تكون الوزارة مطلعة عن كثب ومواظبة على زيادة الرقابة على عمل تلك المجالس.
الحالة الاستثمارية الخلاقة
ويؤكد قربي أن هذا العمل يتطلب المرونة القانونية والإدارية والخروج من بوتقة القوانين التي تُكَلف هذه الوحدات المال والجهد في وقت يتم فيه دفع المليارات كفروق أسعار نتيجة هذا الروتين وبسبب تعنت المتعهدين وتعلقهم بقشة اسمها تغير أسعار الصرف وارتفاع الأسعار، لذا يجب إيجاد بيئة قانونية وإدارية تجعل من مجالس الإدارة المحلية في عملية إنتاج وليس عملية مونتاج، لأن الآمال كثيرة والأمل كبير بالنهوض بواقع مواطننا سواء من الناحية الخدمية أم التنموية.
الكثير من أعضاء المجالس المحلية ليس لديهم الدراية حول آلية تنفيذ الدور التنموي
الواجب وكيفية القيام بالتشاركية والتشبيك الذكي مع مجتمع الأعمال والشركات
كما يجب العمل على الحالة الاستثمارية الخلاقة التي تحقق ريوعاً ذاتية للوحدات الإدارية، حيث إن موارد المجالس الإدارية ذاتية نظمها قانون الموازنة المستقلة رقم 35 لعام 2007 من ناحية الموارد وأوجه الإنفاق والموارد الذاتية من الوحدات الإدارية نفسها كأجور الخدمات والاستثمارات كأن تقوم الوحدة الإدارية بمشروع أو منشأة على أرض لديها بموجب قانون التجارة أو قانون الشركات وتنشىء عليها وتستثمره، لأن الآمال كثيرة والأمل كبير بالنهوض بواقع المواطن سواء من الناحية الخدمية أو التنموية.
اقرأ أيضاً: