لسماء القنيطرة حكايةٌ على الجدار… غرفةٌ منزليّة تتحوّل لمعرض صورٍ ووثائق نادرة

تشرين- لمى بدران:
تصادف اليوم الذكرى ٤٩ لرفع العلم السوري في سماء القنيطرة بعد تحريرها من غطرسة قوات الاحتلال الإسرائيلي، وحينئذٍ التُقِطَت الصورة التي رَفَع القائد الخالد الراحل حافظ الأسد فيها علم الوطن هناك، واليوم لايزال مُلتَقِط هذه الصورة حيّاً يُرزق، ووجدنا عنده الكثير من الحقائق المثيرة للاهتمام.
فقد عاصرَ المصوّر الصحفي أحمد محمد عوض البلحوسي الذي يزاول هذه المهنة منذ قرابة ستين سنة أحداثاً وتغيرات جيو-سياسية وتاريخية كثيرة، وكلما تقدّم به العمر وغيّب الموت أبرز وأهم شخصيات عصره ازداد حرصاً على نقل وتجميع وتوثيق الإرث التاريخي الذي يُعنَى بأهمّ القضايا الوطنية الجديرة بالعناية والمتابعة والضوء.
ورغم مصاعب المهنة وتكلفتها العالية والرفض القاطع لها من  قبل أبنائه أَقْدمَ البلحوسي على خطوة نوعيّة تتمثّل بتجهيز غرفة في منزله يعرض فيها صوراً نادرة بالأبيض والأسود تغطّي الانتصارات التي شهدناها في القنيطرة منذ سبعينيات القرن الماضي، وبالتأكيد منها لحظة التقاطه الصورة التي رفع فيها القائد الخالد حافظ الأسد العلم السوري آنذاك معلناً تحرير القنيطرة، وصوّر الأراضي والقرى والمدافن والناس والزيارات الدولية الرسميّة والوفود واللجان والحدود الشائكة والكثير الكثير من التفاصيل التي تعيدنا إلى زمن تلك المعارك، كما يحتفظ بخرائط مرسومة باليد عن مواقع القرى في القنيطرة ومسالكها، حتى إنه يحتفظ بحجر مستطيل مقسوم إلى نصفين كان بين ركام الحرب، ويخص ثانوية الجولان المحتل سنة ١٩٥١، إضافة إلى  التقاويم التي التقَطَ ضمنها أجمل مواقع وقرى القنيطرة، وأيضاً لايزال يحتفظ بمجلات ورقيّة ومهمّات وتكليفات وقرارات تخص أغلب سنوات عمله من قبل المواقع الصحفية و الوكالات والجرائد، ومنها جريدة «تشرين» وكل هذا كان تطوعاً وشغفاً بالمهنة.. والأهم توجد لديه أفلام ومسودات نيجاتيف قابلة للطباعة والعرض توثّق لحظات مهمة جداً وبعدد قابل أن يكون معرضاً يحكي روايات السبعينيات لكنه بحاجة للدعم والمساعدة في هذا الشأن.
حاول الصحفي وعلى عاتقه خلال ذروة عمله إقامة معارض مثل معرض «الحقائق الدامغة» في مدينة القنيطرة الذي صوّر فيه شواهد عن أن «إسرائيل» تدّعي أنها واسطة لنقل الحضارة والمدنية… ومعرض «مشاهد من الجولان» في ثقافي «أبو رمانة» الذي كتب عنه الدكتور نزار بني المرجة في ذلك الوقت أنه حكاية الأرض والإنسان في جولاننا الطاهر عبر صور جميلة وفريدة قدمها لنا الفنان أحمد البلحوسي بدءاً من نبع بانياس إلى مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية وعين فيت وزعورة والمنصورة ….إلخ ليؤجّج فينا اليوم شوقاً من نوع آخر من عناق الأرض والتوق إلى التحرير الذي لا بدّ  من أنه آت طال الزمن أم قصر .
عندما تدخل إلى هذه الغرفة ستشعر أنك من الجولان حتى لو كنت دمشقيّاً أو ساحليّاً أو درعاويّاً أو حموياً أو من أي محافظة سورية أخرى.. لأن الجانب الفني المدموج مع الجانب التوثيقي الذي تمتلكه الصور والخرائط والتقاويم هو صرخة إلى قلوبنا تقول كما قال البلحوسي عن ٢٦ حزيران الذي هو يوم تحريرالقنيطرة في إحدى مقالاته القديمة: الجولان لنا وإن أمعن المعتدون..فللباطل جولات، وأما الحق فله الجولة الفصل.. فأما الزبد فيذهب جفا، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
جُلّ ما يتمناه الصحفي أحمد ألا تضيع أعماله في التصوير والتجميع والتوثيق هباءً وأن تُحفظ ويعتنى بها، وأن يلقى دعم واستجابة من المحافظة والجهات المعنية لأنّه كما ذكَر لنا قدّم العديد من الطلبات المرفوضة بسبب عدم وجود اعتمادات كما يكتب على الطلب، وأكّد «لتشرين» أنه يهدف بالدرجة الأولى من فكرته الحالية  إلى أن يحصل الشباب على هذه الوثائق لتبقى نصب أعينهم ومحطّ اهتمامهم.
وهنا نذكر أنه وفي مثل هذا اليوم حُقِّقَ نصرٌ مُبين نحتفل به في كل عام، عندما رفرف علم الوطن في سماء القنيطرة منذ ٤٩ عاماً، إذ سطعت رسالة حق ونضال إلى جيلنا الحالي وأجيالنا القادمة بأن تكون انتصاراتنا مستمرّة على أي عدوان غاشم وطمع خارجي، وأن نحافظ على إرثنا وأرضنا وقضيتنا، وهذا بالتحديد ما نستطيع أن نوافق أحمد الحلبوسي عليه وبشدّة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار