كُرِّم على خشبة مسرح.. «البولشوي» المايسترو «ميساك باغبودريان» : أقدّم الجائزة لشركائي الحقيقيين الموجودين على المسرح

حوار: ميسون شباني:
ليس جديداً الحضور السوري في المحافل الدولية والتفرّد.. وهذه المرة جاء عبر الموسيقا الكلاسيكية من خلال تكريم الموسيقار ميساك باغبودريان قائد الفرقة السيمفونية الوطنية بجائزة أفضل مؤدٍ كلاسيكيّ من دولة مشاركة في العاصمة الروسية موسكو.. تمّ ذلك في حفل في مهرجان (برافو) الدولي للموسيقا الكلاسيكية.. عن هذه الجائزة وظروفها التقت (تشرين) المايسترو ميساك باغبورديان، وكان لنا هذا الحوار:
أفضل مؤدّ كلاسيكيّ
عن الجائزة التي حصل عليها وطبيعة الاشتراك في المهرجان يقول المايسترو باغبودريان: هذا التكريم جاء نتيجة عملي كموسيقي كلاسيكي ومساهماتي في نشر الموسيقا الكلاسيكية في سورية، إذ تمّ ترشيحي من قبل وزارة الثقافة مشكورة، وهذه النسخة الخامسة من جوائز مهرجان «برافو» الدولية، وتمّ فيه تكريم أشخاص في مجال الموسيقا الكلاسيكية ،إضافة إلى راقصي ومدربي الباليه والمؤدين المنفردين وقادة الأوركسترا والمؤلفين الموسيقيين.. وكان هناك حضور فني كبير ووجود قوي لموسيقيين من فنزويلا وصربيا والدونيتسك وروسيا وغيرها.
لحظة تاريخيّة
ويضيف باغبودريان: إن الوجود على مسرح البولشوي أحد أهم المعالم الموسيقية في العالم، هو أمل وفخر لأي موسيقي.. ويستكمل: لطالما كان مسرح البولشوي حلماً بالنسبة لي، وكنت أفكر بهذا المكان، وخلال التكريم مرّ شريط العمر بكل التحديات والصعوبات التي خضتها كي أصل إلى هذه اللحظة التي يظنها المرء كأنه في بلاد العجائب، والأمر الذي أعتز به أكثر كان وجود قائد أوركسترا من روسيا، إذ كنت أتابع حفلاته في فلورنسا عندما كنت طالباً، وأتابع الفيديوهات الخاصة بأعماله الموسيقية التي قادها، وأعتقد أن وجودي في المسرح مع هذا الشخص خلال التكريم لحظة يتوقف فيها المرء عن الكلا، وصعب جداً أن يجد الكلمات المناسبة للحديث عنها، وشعور جميل أن كل الصعوبات التي عشتها في حياتي تمت مكافأتي عليها بجائزة كهذه، وهذه لحظات يستحق أن يعمل المرء أي شيء من أجلها، ويضحي بكل شيء للوصول إليها.
الاطلاع على الثقافات الموسيقيّة
وعن لجان التحكيم وكيف تتم الترشيحات يجيب باغبودريان بأن هناك إدارة للمهرجان تمّ من خلالهم اعتماد أشخاص معينين كلجان تحكيم، وكانوا موجودين خلف الكواليس وهم المسؤولون عن موضوع الترشيحات وفلترتها للوصول إلى النتيجة النهائية خاصة أن هذا النوع من المهرجانات يُتيح فرصة الاطلاع على الثقافات الموسيقية بين الدول، وهي تقام أساساً لتكون مسرح تبادل للخبرات الموسيقية والنتاج الموسيقي الذي يقدمه كل بلد وكل مؤسسة وكل فرد، وتالياً هذا الوجود هو فرصة للتعرف على ثقافة الآخر وكيفية اشتغالهم على الموسيقا والمستويات التي وصلوا إليها، ما يخلق حافزاً لتطّوير ما لدينا عبر أفكار جديدة، لأن الموسيقا تتطور بالاحتكاك والممارسة والشراكة، وفي جائزة «برافو» كنا نشاهد أوركسترا البولشوي تعزف والموسيقيين المنفردين يعزفون من كل دول العالم، ومعروفٌ مستوى المنفردين الروس عبر المستوى الدولي بأنهم محترفون وأكاديميون، وهناك موسيقيون من كل البلدان، وهو ما يُشكل رؤية عن كل ما يقوم به كل بلد تجاه الموسيقا، وفرصة للاطلاع على الواقع الموسيقي لبلدان المشاركين،خاصة أننا كنا معزولين منذ أكثر من عشر سنوات.. صحيح أن الإنترنت وسيلة جيدة، ولكنها غير كافية، والحضور المباشر للحفلات ومشاهدة الموسيقيّ والاستماع له وماذا يفعل يجعلنا نشعر بالاختلاف كموسيقيين حتى بالنسبة للجمهور، علماً أننا خلال فترة الحرب لم ننقطع عن أي مهرجان، وكنا دائماً موجودين، والناس يستغربون وجود موسيقيين سوريين على المسرح يقدمون في كل مرة أعمالاً موسيقية متنوعة، وهذه تفاصيل صغيرة، ولكنها مهمة بالنسبة لنا ومهمة للبلد ولوجودنا في المسرح العالمي، صحيح أنهم يحاولون عزلنا ومحاصرتنا، لكن الموسيقا أسهل طريقة لكسر الحصار والخروج منه لكونها لا تحتاج إلى ترجمة، وهي لغة العالم.
بصمة سورية
أود أن أنوه بشيء مهم، فعندما كانت حفلة البولشوي قدّم العازف الموسيقي كنان أدناوي معزوفة على العود بمرافقة الأوركسترا شكّل مفاجأة فنية لكل الموجودين وحدث تفاعل كبير، وهذه المقطوعة التي قدمها غيرمعروفة لديهم، وأذهلتهم مشاهدة آلة شرقية تعزف مع الأوركسترا إضافة إلى الكثير من التفاصيل التي جذبت الجمهور.. وكان واضحاً من ردة الفعل، وهذه المشاركة هي من أهم التفاصيل، وأقصد عبر المقطوعات العالمية، وتالياً سيُحكى عن سورية وعن آلة العود وعن الموسيقيين السوريين، وبات لديهم فضول واضح تجاه الحركة الموسيقية في سورية لمعرفة ماذا نفعل.
الجائزةُ لشركائي الحقيقيين

وتحدث باغبودريان عن الصعوبات التي يعيشها الموسيقيون قائلاً: أنا من الجيل الأكاديمي الأول في سورية، الخريج من المعهد العالي للموسيقا، وتدّرجت فيه دراسياً وكان السؤال الأهم لأي شخص تخرج في المعهد هو ما فرصه لعمل يعطيه حياة كريمة، وكان أول حاجز نكسره، هو نظرة المجتمع لنا كموسيقيين، بإثبات أننا نستطيع أن نكون موسيقيين ومحترفين أكاديميين ونعيش عيشة كريمة من عملنا ،لأن عقلية الناس تنظر إلى الموسيقا كهواية أو كشيء إضافي للشيء الأساسي الذي نقوم به في حياتنا، وكمسيرة مع الفرقة السيمفونية استطعنا إثبات هذه النظرية وكسر العرف المتداول عن النظرة للموسيقا، فليس سهلاً أن تكون لديك فرقة سيمفونية تقدم حفلات في ظل الحرب وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها ، فالأمر يحتاج إلى تهيئة كوادر وتدريبهم وتأمين آلات وإكسسوارات ومكان يتدربون فيه وجمهور يتابع هذا المزاج، وهذه عملية معقدة جداً، وأنا أكرر أنني أشارك هذه الجائزة كمؤدٍ موسيقي مع شركائي الحقيقيين الموجودين على المسرح، لأني أعرف كمية الضغوطات المعيشة لكي يأتوا إلى البروفات ويتدربوا ونرقى إلى صيغة لإخراج عمل فني بأرقى شكلٍ موسيقي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار