بحَّ الصوت..؟!

لم أعد أعرف حول ماذا أكتب، فالأزمات تلف حياتنا من كل حدب وصوب، والغلاء يأكل الجيوب والبيوت “العمرانة”، ولا توجد حلول تلوح في الأفق، فما نفع الكتابة إذا لم تحدث أثراً وبصمة، وبعد طول تفكير وتمحيص اكتشفت أن مهنة المتاعب التي لا تطعم خبزاً هذه الأيام وخاصة بعد إشاحة النظر عن أبسط مطالب معشر الصحفيين، هي “زادي وزوادي” وأن كثرت المطبات، فأنا وأعوذ بالله من هذه الكلمة وزملائي من عاشقي هذا الكار أصبنا بلعنتها، ويبدو أنه لا براء منها لكوننا لا نجيد سواها في هذه الحياة.
واقع الصحفيين اليوم في أسوأ حالته، متفوقاً على حال بقية المواطنين نظراً للأعباء الإضافية التي يتحمّلونها كالاتصالات والمواصلات والمجهود الذهني، من دون التمكن من قطف أي مطلب من المعنيين وإن بحّ الصوت، لذا يمكن وصف هذه المرحلة بالأصعب على الإطلاق من النواحي كافة، وإن كان الهمُّ المعيشي يطغى على أي شجون أخرى وخاصة في تفضيل التعامل مع الإعلاميين كموظفين في تجاهل مريب لطبيعة هذه المهنة الفكرية، التي تستحق أن ينال أهلها مزيداً من الاهتمام والدعم، أقله منحهم تعويضات تمكّنهم من تغطية نفقات إنجاز تقاريرهم وموادهم الصحفية، ولن نقول معاملتهم كزملائهم في البلدان العربية المجاورة، حيث يعد هذا المطلب ضرباً من الخيال، فإذا كانت أبسط الحقوق لا تُلبى، فكيف سنرفع سقف المطالب بالمساواة في المعاملة مع إننا لا نقلُّ خبرة واحترافية لكن ضيق الحال المادي يحول دون الإبداع المطلوب، الذي ترتفع معدلاته عند العمل في وسائل إعلام عربية أو أجنبية، بحيث يسطع نجمهم فوراً، والأمثلة كثيرة ولا مجال لذكرها، لكن يتسع المجال لذكر هموم الصحفيين الكثيرة، بحيث بات أغلبهم يفكّر في اعتزال هذه المهنة، التي أصبحت في نظرهم “مو جايبة همها” رغم عشقهم لها.
وفي ظل تراكم الضغوط أصبح الصحفيون ينفقون من جيوبهم على إعداد تقاريرهم، ليزيد الطين بلّة رفع أجور الاتصالات مؤخراً، فهل يعقل ألّا تجد المؤسسات الإعلامية واتحاد الصحفيين، حلاًّ لمعالجة مسألة الاتصالات، بحيث تقدم بأسعار مخفّضة أو حتى مجانية لكونها لن تشكل عبئاً على شركات الاتصالات، نظراً لعدد الصحفيين القليل عند احتساب عدد المنتسبين فقط إلى الاتحاد، الذي يُعد للأسف النقابة الأضعف بين النقابات، فإذا عجز عن معالجة هذه الجزئية الصغيرة فكيف سيقدر على إقناع الحكومة برفع رواتب الإعلاميين وتميزهم عن بقية الموظفين سواء صدر قانون الإعلام أم لا؟ مع إنه يشكل بارقة الأمل التي طال انتظارها، أو يقدر على تخصيص الصحفيين بشقق سكنية بأقساط مريحة وغيرها من المطالب التي يبدو أنها ستبقى حبيسة الأدراج وقرار التريث المزعج.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار