الكتاب الورقي”يقارع” الرقميات.. معرض في طرطوس يعيد الآمال بعودة الروح إلى سوق الكتب التقليدية

تشرين-آية محمد:

ضحد معرض الكتاب الذي أقيم في طرطوس مؤخراً واحتضنته صالة المعارض في المركز الثقافي، كل الهواجس”المشروعة” بخصوص مصير الكتاب الورقي أمام زحف الكتاب الإلكتروني وتسلله إلى بيوت ومكاتب السوريين.
واعتبر حسّان يونس المشرف على المعرض، أنه بقدر ما أخذت التكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال الاجتماعي من الكتاب الورقي، فإنها بذات الوقت استحضرت قراء جدداً لاقتناء الكتاب الورقي، إذ كانت خير مروّج له، وبالتالي الدافع للبحث عن النسخة الورقية واقتناءها، فوسائل التواصل عملت فعلاً على تسويق الكثير من الإصدارات والعناوين القديمة، وكذلك الطبعات الجديدة من كتب حجزت لها مكاناً في مكتبات الكثيرين.
إذ رفعت هذه الوسائل – برأي يونس – من مستوى المعرفة عند الكثير من المتابعين، هذا الأمر دفع هؤلاء الناس للإقبال للكتب.. ويرى أن الموضوع متعادل على حدّ تعبيره، فنحن دائماً نفترض افتراضات بخصوص التأثير السلبي للتكنولوجيا على الكتاب الورقي، وكل الافتراضات في هذا الخصوص هي فقط اقتراحات ليست مبنية على معرفة أو دراسة أو استقصاء..
من جانبه بيّن الأستاذ في اللغة العربية وضاح مبارك، المدرس في مدرسة المتفوقين الثانية في طرطوس وهو زائر دائم لمعارض الكتب، أنه وعلى الرغم من الانتشار الواسع للرقميات ولكن يبقى للكتاب ألقه الخاص ووجود الكتاب بين أيدينا لا بديل عنه ،..” لقد نشأنا مع الكتب فهي الصديق القديم الجديد”.. و من تربى على الشيء شاب عليه .. تربينا على رفقة الكتاب ورغم الظروف الصعبة تبقى الرغبة في امتلاك الكتاب ملحّة.
وللكتاب حضوره أيضاً بين أصحاب العلوم الأساسية وليس فقط بين العاملين في حقل العلوم الإنسانية، فالدكتور محمود حمدان اختصاصي جراحة عامة، يرى أن معرض الكتاب محطة مهمة يجب زيارتها لكن نفتقد لها لأنها تبتعد بين الفترة والأخرى، وقال: أنا استهجن القراءة الإلكترونية للشعر أو الرواية، فكيف علينا أن نكتشف عالم الكتاب إن لم نلامس أوراقه أو ننقد هذا الكاتب أو تتفاعل معه، الكتاب شيء عظيم لا يمكن الاستغناء عنه أبداً، وثمة تهيؤات عن شيء اسمه حضارة لا تنسجم مع أحاسيس الكتاب أبداً…
وارتأت الكاتبة بتول صالح أن الإقبال على المعرض كان حالة صحيّة ومطمئنة، وقالت: أجدُ في ذلك بصيص أملٍ يبشّرنا بجيلٍ واعٍ قادرٍ على الموازنة بين مواكبة عجلة السرعة وبين قدرته على حماية كينونته الفكرية من وباء الجهل والتقليد الأعمى المتفشي حاليّاً.
الحضور كان نسبياً جيد، لكن حقيقة أسعار الكتب قللت من إمكانية اقتنائها من قبل رواد المعرض بحكم الظروف الاقتصادية التي يعيشها أغلب من يرغبون باقتناء الكتب، لاسيما أن الشباب كانوا النسبة الأكبر من رواد المعرض ولديهم رغبة في القراءة والاطلاع وشراء الكتب.. لكن ثمة ما حال دون ذلك .
وهذا ما لفت إليه الدكتور حمدان الذي أكد أنه رغم اهتمامات الناس المختلفة، لكن هناك أولويات ومستلزمات أهم.. هناك من يخصص جزءاً من المال بخصوص المعرض وأنا من هؤلاء الناس. هناك شباب لديها شغف وحب كبير واهتمامات رغم انتشار “السوشيال ميديا” لكن غلاء الكتاب والظروف الصعبة تمنعهم من القراءة.
وفي الاتجاه ذاته ذهب رأي الكاتبة بتول صالح، التي بينت بكل أسف أن شراء الكتبِ أصبحَ رفاهيةً في ظلّ الظروف المعيشة الراهنة، هناكَ إقبالٌ نعم لكنّ الفجوة بين هذا الإقبال ومبيعاتِ الكتب كبيرةً جداً وهذا يُعزى لارتفاع سعر الكتاب بشكل مبالغ فيه.
ويعتبر المدرس وضاح مبارك أن أهالي طرطوس دائمو الحريص على الثقافة.. والمحافظة محافظة التفوق الطلابي وهذا سبب من أسباب الإقبال على المعرض رغم الظروف الصعبة.
و قال: من خلال وجودي في المدارس ألاحظ شغفاً مستمراً ومتنامياً لدى أهالي الطلاب لتشجيع أبنائهم على المطالعة والثقافة والمشاركة في مسابقات تحدي القراءة العربي ومسابقات دار الفكر و الشبيبة والأولمبياد العلمي وأعتقد أن هذا فعلاً أحد أهم أسباب النجاح.
أيضاً الكاتبة صالح، اعتبرت طرطوس مدينة العلم والثقافة مِنذ القِدم، وبرأيها فإن لوجود قامات علمية وأدبية في هذه المدينة لمع نجمها وخلّدها الماضي، دور مهم في خلق الشغف المستمر لدى الجيل الحالي في سلوك الطريق ذاتها.
وهي تصرّ على أن الشباب أكثر رغبة للقراءة وإن الكتاب يعرض الذوق الرفيع وثقافات البلدان المختلفة.