مقاربة خاصّة لمعنويات أطفال سورية في الزمن الصعب.. خبير يقترح مشروعاً لترميم القوام النفسي لأطفال عاشوا رضوض الكارثة

تشرين- لمى بدران:
شغف وآية وشام وكل أطفال سورية تحوّلوا –ومثلهم الكثير- من أطفال أزمة إلى أطفال كارثة طبيعية مليئة بالألم وقصص الفقدان الكبيرة ما يستدعي مسؤولية اجتماعية كبيرة لأجل ترميم هذه الصدوع البنائية المادية مع البنيوية النفسيّة على حدّ سواء.
فموضوع الدعم النفسي للأطفال في الكوارث حاجة أساسية قد يغفل عنها جزئياً الكثير من الأهالي وهم الآن يبحثون عن خبزهم ودفئهم واحتياجاتهم الأساسية وقد يكون هول صدمتهم أكبر من تدارك الحالة النفسية لأطفالهم.

مشروع ثقافي أدبي ضخم يحتضن بطولات كبيرة مليئة بالتحديات والتفاني والإخاء والتعاضد واللحمة الوطنية

أطفال مراكز الإيواء لن يحبّوا شيئاً أبداً مثل ما يحبّون الشيء الذي يحاكي طفولتهم ويعبّر عنها، فهم بحاجة شديدة إلى أن يَسلوا ويَلهوا عن المصاب بأي طريقة، وإحدى هذه الطرق قد تكون مبادرة اقترحها الخبير في ثقافة الطفل رامز حاج حسين بأن يتم وضع قصة أو مجلة أو كتاب إضافة إلى قطع بسكويت مع كل سلّة غذائية مقدمة إلى أهلنا في مراكز الإيواء، فالجهود المبذولة من المغيثين والمتطوعين والمنظمات والمتبرعين تجاه إيصال سلّة غذائية لو قابلتها جهود أخرى من المهتمين بالدعم النفسي للطفل ستؤدي إلى نتيجة مُرضية تُلهي الطفل وتسعده وقد تنسيه نوعاً ما الظروف السيئة التي يمرّ بها.

 


وفي حديث خاص لـ “تشرين” تحدّث لنا الخبير حاج حسين عن أهمية وأثر هذه المبادرة لو حصلت: إن القصص تُلهيهم قليلاً وتحافظ على الأقل في أيام الإيواء على مستوى اللغة لديهم وعلى عدم قطع تواصلهم مع القراءة وخصوصاً أنهم منقطعون عن المدارس حالياً وأيضاً لو فقط وزّعنا عليهم أوراقاً بيضاء وأقلام تلوين سيعبّرون بالرسم ويحرّرون أي تراكم نفسي قد يحدث ويسبب جرحاً أو عقدة نفسية كما أن “البسكوتة” تسعدهم..

“أبطال قصصنا القادمة”
ويؤكد حاج حسين أن إبداعات الإنسان دائماً تنبع من المعاناة ونحن الآن في طور معاناة كبيرة تُفرز كمّاً هائلاً من المعطيات الإبداعية التي تتمثّل بالمتطوعين والمنقذين والمتبرعين وحتى الضحايا جميعهم قد يكونون أفضل الأبطال لقصصنا القادمة وقد يتعدّى الموضوع أن يبقى قصّة فقط فمن الممكن تحويله إلى أنشطة مختلفة في مراحل لاحقة كمسرحية أو مسلسل كرتون وذَكَر لنا مثالاً وهو مسلسل الأنيمي الياباني الشهير الذي يوثّق بطولات وأحداث انفجار قنبلة هيروشيما على شكل مسلسل كرتوني للأطفال.

“تذكّروا تسرب الفيول والحرائق”
أما عن تداعيات الكارثة في نفوس الطفل على المدى البعيد وطريقة معالجتها توّجه حاج حسين إلى الدور الثقافي الأهم في المحن وهو رأب الصدع الفكري الناجم عن هذه الكارثة وهذا ما لم يُلاحظ وجوده كثيراً من خلال أمثلة سابقة حصلت قائلاً: أذكر لكم حادثة تسرّب الفيول من مصفاة بانياس، حاولت أن أضيء عليها وأوظفها في عالم الطفل من خلال كتابتي لقصة بعنوان “عملية إنقاذ السلحوفة” لكونها حادثة تتحدث عن تلوث البيئة البحرية والتي من المهم أن يعرف عنها الطفل لكن الحادثة نُسيَت تماماً ولم أسمع أحداً بعدها تحدّث عن الموضوع.
وكذلك الأمر بالنسبة لحرائق الغابات إنها أحد أنواع الكوارث التي تحتاج متابعة شديدة لترسيخ التعامل معها عند الطفل لكن لم تُتَابَع كثيراً.. ووصلنا الآن إلى الزلازل ونتعامل الآن مع أطفال هم في بؤرة الحدث وعلينا معالجتهم من خلال تضافر الجهود وإطلاق المبادرات العامة والفردية الخاصة بالطفل والدعم النفسي له فعلينا تحصينهم قدر المستطاع من هول هذه الكارثة.
ويتابع: الأكثر أهمية في هذا الشأن هو عدّ فكرة المتابعة والتوعية والتحصين والدعم النفسي على المدى القصير والبعيد منهجاً للتعامل مع الأطفال سواء في هذه الكارثة أو في أي كارثة لاحقة فهذا منهج يصنع نواة فكرية وأدبية مهيَّأة لكل الأزمات.
وأخيراً وبعد ما شهدناه في المجتمع السوري في خضمّ هذه المصيبة يعتقد حاج حسين أننا بصدد مشروع ثقافي أدبي ضخم يحتضن بطولات كبيرة مليئة بالتحديات والتفاني والإخاء والتعاضد واللحمة الوطنية بسبب الميزات الخارقة والإنسانية التي تحلّى بها السوريون رغم كل ما يجري وأكّد أننا نستطيع بلسمة جراح أطفالنا أو على الأقل أن نثبّط زمن حلّ المشاكل النفسية التي تتشكل في عقل الطفل وذهنه.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
خطاب الدجل والاستعراض بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة والتحالف العالمي للقاحات بنسبة 5%.. تخفيض أسعار الغزول القطنية للمرة الثانية هذا العام الطيران المروحي يشارك في إخماد حريق بين الحصن والحواش بريف حمص الغربي مصادر خاصة: اللقاء بين الرئيسين الأسد وبوتين حمل توافقاً تاماً حيال توصيف المخاطر والتوقعات والاحتمالات المقبلة وزارة الثقافة تمنح جائزة الدولة التقديرية لعام 2024 لكل من الأديبة كوليت خوري والفنان أسعد فضة والكاتب عطية مسوح الإبداع البشري ليس له حدود.. دراسة تكشف أن الإبداع يبدأ في المهد تضافر جهود الوحدات الشرطية في محافظة حماة يسهم في تأمين وسائط النقل للطلاب وإيصالهم إلى مراكز امتحاناتهم الرئيس الأسد يجري زيارة عمل إلى روسيا ويلتقي الرئيس بوتين بايدن - هاريس - ترامب على صف انتخابي واحد دعماً للكيان الإسرائيلي.. نتنياهو «يُعاين» وضعه أميركياً.. الحرب على غزة مستمرة و«عودة الرهائن» مازالت ضمن الوقت المستقطع