حلب المنكوبة تلتقط أنفاسها وتضمّد جراح كارثة الزلزال.. حكايات موجعة من بين الأنقاض
تشرين- مصطفى رستم:
تتابع فرق الإنقاذ والدفاع المدني ورجال فوج الإطفاء بالتعاون مع المجتمع الأهلي انتشال الجثث، ويصلون الليل بالنهار لانتشال الجثث، بينما تتضاءل فرص العثور على ناجين تحت الركام، رغم إخراج رجل ستيني صباح أمس الثلاثاء وجرى إسعافه، ويروي قائد فوج إطفاء حلب العميد محسن الكناني في حديثه لـ”تشرين” عن مواصلة عمل كوادر الفوج بكل طاقتهم للمساهمة بعمليات الإنقاذ، أو انتشال الجثث بالتعاون مع كل الفرق الإغاثية، حيث غطينا في الساعات الأولى فقط عشرات المواقع لأبنية تضررت، وقال: «جهوزية الفوج عالية ونعمل بالتشاركية مع كل المؤسسات المعنية للمساهمة بالإنقاذ بفاعلية”.
وإزاء ذلك افتتحت المحافظة ومدينة حلب مراكز لإيواء المتضررين، حيث أعلن عن إقامة 126 مركزاً موزعة بأرجاء المدينة تستوعب سبعة آلاف شخص، في وقت ساهم المجتمع الأهلي منذ اللحظات الأولى للزلزال بالإنقاذ، ويروي طالب دراسات العليا في كلية التربية، عمر مؤقت، أنه مع زملاء له بالاتحاد الوطني لطلبة سورية وصلوا إلى الأماكن المنكوبة ليقدموا ما استطاعوا من مساهمة بإنقاذ الأرواح.
وعلى الرغم من هدوء الهزات الارتدادية، ينصح خبراء مختصون بعلوم الجيولوجيا والأرض بعدم الاستماع للشائعات التي تطلق والوثوق بالمصادر الخبيرة، مع توافد فرق إنقاذ من دول عربية شقيقة وصديقة للوقوف إلى جانب الفرق المحلية التي تعمل في ظل ظروف استثنائية من نقص في طواقم العمل والآليات.
ما بعد الكارثة حكايات مأساوية تتوالى بالظهور تباعاً.. فهنا تتشبث الحاجة “أم محمد” بحفيدها الصغير كما لو أنه قطعة منها، تهدِّئه قليلاً، وتحاول أن تزرع على وجنته ولو بسمة لعلّها تطفئ حرارة بكاء طفل رضيع لم ينقطع، بينما كامل العائلة تفترش الأرض، وتحتار كلماتهم عن النطق والتعبير عن فجاعة الكارثة التي لحقت بهم، فالزلزال المدمر لم يتركهم ويرحل دون أن يترك أثراً ويمضي، بينما المرأة الستينية راضية بقضاء الله وقدره تردف بالقول: “بيتنا في بناء بحي صلاح الدين قد تصدع والآن نحن في مركز للإيواء بالحمدانية، الرحمة لأرواح الشهداء والشفاء العاجل للمصابين، لا ندري ماذا نفعل”.
هول الكارثة ورواية اللحظات المرعبة يُدمعان القلب، تقول إحدى السيدات: لجأت وعائلتي منذ اللحظات الأولى للشارع، وبعدها أكملت لليوم الثاني جلوسي في الجامع، بيتي متصدع، ولعلّ المشكلة ماذا نصنع بعد ذلك، وكيف سنمضي بقية أيامنا؟ وتضيف: “السلامة أولاً من هذه الكارثة، هو الرجاء الأول”.
في المقابل يروي مختار حي الكلاسة أنه منذ اللحظات الأولى للزلزال هرعنا للشارع لنكون مع الناس ومع انبلاج الصباح تكشفت أكثر الأضرار وتشاركنا غرفة العمليات لحظة بلحظة مع أعضاء مجلس المدينة بالتعاون مع الوحدات الشرطية، وحاولنا إخلاء المباني المتضررة بالتصدع وهي كثيرة ولم تسقط،، وأمس كانت الأولوية تتركز على عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث.
أحمد كرجة يروي اللحظات الأولى كأحد الناجين بعد الزلزالين الأول والثاني الشديدين من بناء قد سقط في الكلاسة، وفيه (13) شخصاً بعد نزول الناس إلى الشارع حيث توقف الزلزال ثم عادت الهزة الأرضية من جديد على شكل هزة ارتدادية خفيفة، ما أدى إلى سقوط البناء.
ت: صهيب عمراية