مرسوم «مجهولي النسب».. العدالة والمساواة في الصغر وفي الكبر .. التطبيق العملي لمفهوم الاحتضان النفسي والاجتماعي 

تشرين-هبا علي أحمد:

يبقى الطفل طفلاً كحالة إنسانية متفردة دوناً عن غيرها، لاتستطيع إلّا أن تكون مأخوذاً به مهما بلغت من العمر، يجذبك تفكيره البسيط، كما تجذبك أولى حركاته، بغضّ النظر عمن هو؟ ومن أين؟ ومن ذووه؟ فكيف الحال إن كان هذا الطفل وحيداً لا أحد يفكر به، في حين أنّ له حقوقاً مثله مثل أي طفل له أب وأم.. ولأنّ لذاك الطفل الحقوق ذاتها أتت مكرمةُ السيد الرئيس بشار الأسد من خلال مرسوم مجهولي النسب الأخير رقم (2) لعام (2023) الذي حدثنا عنه الدكتور حسام الشحاذة العامل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والباحث في القضايا التربوية والاجتماعية، مشيراً إلى أهم الانعكاسات الإيجابية للمرسوم من النواحي النفسية والاجتماعية، إذ بيَّن الدكتور الشحاذة أن هذا المرسوم كان خطوة مهمة صدرت عن مقام رئاسة الجمهورية العربية السورية في سبيل التطبيق العملي لمفهوم الاحتضان النفسي والاجتماعي للأطفال مجهولي النسب، ولتعميق فكرة التطبيق العملي لواجبات ومسؤوليات الدولة والمجتمع تجاه هذه الشريحة من الأطفال، من خلال ضمان تمتعهم بكافة الحقوق والحريات التي يكفلها المجتمع والسلطة في الدول المتحضرة، وذلك من دون التمييز عن أقرانهم الطبيعيين، وتنظيم شؤون رعايتهم وتهيئة الظروف الملائمة لنموهم السليم صحياً ونفسياً وجسدياً، وتهيئة البيئة التربوية والاجتماعية الداعمة لهم خلال حياتهم التعليمية والمهنية مستقبلاً، وكذلك حمايتهم من الاستغلال أو الإهمال.

وأضاف: المرسوم يستهدف الأطفال مجهولي الأم والأب، أو مجهول الأب ومعلوم الأم، أو أولئك الأطفال الذين تخلت أمهاتهم عنهم ولا يوجد لهم من كفيل للرعاية، حيث ينص المرسوم صراحةً على إحداث هيئة عامة ذات طابع إداري تسمى (بيوت لحن الحياة)، والتي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط مباشرةً بوزير الشؤون الاجتماعية والعمل، حيث يكون لبيوت لحن الحياة الوصاية الكاملة على الطفل مجهول النسب، وذلك وفقاً لأحكام قانون الأحوال الشخصية السوري، وتكون مسؤولة عنه من النواحي التربوية والتعليمية والصحية والنفسية والاجتماعية والمهنية لاحقاً، وذلك منذ لحظة قيده في أحد بيوت لحن الحياة، حتى إتمامه سن الثامنة عشرة من العمر، وتتولى هذه الهيئة العامة تطبيق أهداف المرسوم وأحكامه التنفيذية، فيما يتعلق بحقوق الطفل مجهول النسب، ورعايته نفسياً وانفعالياً وصحياً وتربوياً وتعليمياً، وحمايته من أي شكل من أشكال الاستغلال، واحتضانه عاطفياً، وتوفير أجواء تشبه أجواء الأسرة، كي لا يشعر بالفرق بينه وبين أقرانه العاديين.

كما يتضمن المرسوم جانباً مهماً في تأكيد التعاون مع الجهات العامة ومنظمات المجتمع الأهلي والقطاع الخاص، من أجل تقديم أفضل خدمات الرعاية النفسية والصحية والاجتماعية والتعليمية والتربوية لهؤلاء الأطفال.

كما أكد المرسوم على دور الهيئة العامة لبيوت لحن الحياة لإنشاء قواعد بيانات وطنية موحدة وشاملة لكافة معلومات الأطفال مجهولي النسب، والعمل على تحديثها وتطوير محتواها، والحفاظ على أمن معلوماتها فيها، وتتبع الحالات التي وصلت إلى سن فوق الثامنة عشرة من أجل ضمان حمايتهم اجتماعياً، وعدم استغلالهم في أعمال لا تتناسب مع الخصائص الإنسانية.

ونوّه الشحاذة بأن الدولة السورية عملت منذ عشرات السنين وما زالت تعمل من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة التربية والصحة والعدل، وذلك على توفير أفضل الشروط لاحتضان هذه الفئة من الأطفال مجهولي النسب، من خلال توفير بيئة قانونية داعمة لهم، وإنشاء دور رعاية الأطفال مجهولي النسب، وتفعيل دور الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني للتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لاحتضان هؤلاء الأطفال من خلال أسر بديلة تمارس دور الأم أو الأب أو كليهما.

بدوره، أوضح الدكتور غسان منصور، دكتور في علم النفس، أن المرسوم الرئاسي فرصة كبيرة لتأمين حياة كريمة للأطفال مجهولي النسب.. فهو فرصة لحصولهم على التعليم والتربية، وحصولهم على الاهتمام والرعاية، وعلى عائلة بديلة بما تؤمّنه من راحة نفسية كبيرة لهم.

المرسوم جاء في الوقت المناسب، كما أشار منصور، باعتبار أن عدد الأطفال مجهولي النسب يتزايد نتيجة آثار الحرب الظالمة على سورية، وهو ما يجعل الطفل ينشأ نشأة اجتماعية ونفسية سليمة في بيئة شبه طبيعية لتأمين مستقبلهم على جميع الصعد وإيصالهم لمواجهة الحياة اليومية بكل قوة وإصرار وتصميم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
خطاب الدجل والاستعراض بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة والتحالف العالمي للقاحات بنسبة 5%.. تخفيض أسعار الغزول القطنية للمرة الثانية هذا العام الطيران المروحي يشارك في إخماد حريق بين الحصن والحواش بريف حمص الغربي مصادر خاصة: اللقاء بين الرئيسين الأسد وبوتين حمل توافقاً تاماً حيال توصيف المخاطر والتوقعات والاحتمالات المقبلة وزارة الثقافة تمنح جائزة الدولة التقديرية لعام 2024 لكل من الأديبة كوليت خوري والفنان أسعد فضة والكاتب عطية مسوح الإبداع البشري ليس له حدود.. دراسة تكشف أن الإبداع يبدأ في المهد تضافر جهود الوحدات الشرطية في محافظة حماة يسهم في تأمين وسائط النقل للطلاب وإيصالهم إلى مراكز امتحاناتهم الرئيس الأسد يجري زيارة عمل إلى روسيا ويلتقي الرئيس بوتين بايدن - هاريس - ترامب على صف انتخابي واحد دعماً للكيان الإسرائيلي.. نتنياهو «يُعاين» وضعه أميركياً.. الحرب على غزة مستمرة و«عودة الرهائن» مازالت ضمن الوقت المستقطع