من هو شاعر المانغا والتفاح والبتنجان

تشرين- سامر الشغري:

وقفت استمع إليها مصدوماً وهي تغني بطربٍ وتمايل:
“حبك سفّاح
مجرم وماسكلي سلاح
حبك مانجا وتفاح”.
فسألتها وآثار الصدمة بادية علي: لمن هذه الأغنية التي تدندنينها؟!، فأجابتني وهي منكبة في غنائها لا تفتر: ل”نانسي”.
انصرفت مبتعدا وأنا أبحث عن هذه الأغنية التي جمعت في عبثية شديدة ولا مبالاة بين وصف الحبيب تارة بالمانغا والتفاح، والأخيرة كما تعلمون فاكهة عزيزة ونادرة في مصر أم الكنانة، وبين إطلاق أوصاف مرعبة عليه بأنه مجرم وسفّاح، وكأني بكاتب كلمات هذه الأغنية أراد وضع أي كلمات تتناسب مع القافية ولو كانت بدون رابط، وكان من الجائز عنده أن يستخدم عبارات مثل: سبّاح، و مرتاح، وفلاح، ومفتاح و…!!!.
وعندما بحثت عن كاتب هذه الكلمات وجدت أنه شاب في العشرينات من العمر اسمه شادي نور، والحقيقة أنه يستحق لقب الشاعر لكثافة الشعر الذي على رأسه، أكثر مما كتبه لنا من أغانٍ ترددها شريحة واسعة من جمهور هذه الأيام، وغدا في بحر عامين من أشهر كتّاب أغاني الموجة الدارجة، فغنى من كلماته: عمرو دياب، وسميرة سعيد، وأليسا، وسبب شهرة أغانيه يعيده بعض كتبة الفيسبوك إلى أنه يكتب كلاماً خارجاً عن المألوف ومختلفاً.
ولكني وجدت أن شادي هذا لديه ولع بألوان الطعام وبالفواكه والخضراوات على وجه الخصوص، وبدلاً من عبارات الحب والشوق والعذول التي طالما اشتهر بها الشعر الغنائي المصري، كتب شادي مثلاً عن (الفخفخينا)، وهو عصير فواكه على الطريقة المصرية كما في أغنيته لروبي “هشك بشك” حيث قال:
(دي الحياة بسيطه
دي فخفخينا دي بزرميطا).
وفي أغنية ثانية لهيفاء وهبي نجد الولع ذاته بالطعام الذي حشره بالأغنية ليتوافق مع القافية ليس إلا:
(فكّك منّي ولا تكلّمني
ولا تفهمني ولا بتنجان).
وإصرار شادي على الزج بالفواكه بأغانيه نتلمسه مع مطربة أخرى ظهرت للمرة الأولى العام الماضي اسمها (موشكا)، لقد كتب لها أغنية بعنوان (الحياة بنبوني)، التي نسمع فيها لأول مرة بمخلل الأناناس حيث تقول كلماتها:
(بنبوني الحياه بنبوني
فراوله ومانجه ولموني
وساعات تقلب كموني
ومخلل بالأناناس).
لقد حذرنا محمد عبد الوهاب قبيل رحيله بأعوام قليلة من التلاعب بكلمات الأغنية، ومن أن الشعر الهابط سوف يؤدي بالضرورة لأغنية هابطة، ولكن هذا الهبوط والإسفاف بالكلام ما نزال نتلمسه، وهو يزداد منذ عقود مع شادي وغير شادي ممن صاروا في ليلة وضحاها شعراء أغنية.