هل ستبقى متقوقعة في زوايا السوق المظلمة.. هيئة حكومية ترتبك حتى الإخفاق أمام استحقاقات مهامها الرفيعة والوقائع الغليظة..؟!
تشرين- لمى سليمان:
غُيّبت هيئة المنافسة ومنع الاحتكار ولا ندري لأي سبب وبالكاد يعرف العديد من الناس عملها أو حتى وجودها! وفيما نشهده اليوم من قرارات مثيرة للجدل وأسعار درامية ماذا تفعل هيئة منع الاحتكار كي تمنع الاحتكار؟ وأي مجالات تُركت لإذكاء شعلة المنافسة بعد تحرير الأسعار؟
أسئلة عديدة طرحتها “تشرين” على مدير عام الهيئة جليل إبراهيم ليجيب مؤكداً أن ما يتم التداول به عن وجود للاحتكار وربط انخفاض العرض أو زيادة الأسعار بالاحتكار هو أمر غير موضوعي لأسباب عديدة منها: انخفاض التوريد إلى الأسواق نتيجة خروج العديد من الموردين واكتفاء الفاعلين بتوريد كميات محدودة لا تلبي الطلب ، إضافة إلى انتهاج سياسات الترشيد بالاستيراد بهدف الحدّ من استعمال القطع الأجنبي وهو ما حد من الكميات الموردة (نقص العرض مقابل الطلب وليس ممارسة احتكارية).
مدير هيئة المنافسة ومنع الاحتكار: لا توجد ضبوط ولا مخالفات ولا احتكار!!
وعلاوة على ذلك يزيد إبراهيم أن التغيرات والتقلبات في سعر صرف القطع الأجنبي مقابل الليرة السورية لا تشجع إطلاقاً على ممارسات الاحتكار، ورفع الموردين للأسعار بما يوازي تطور أسعار الصرف لا مفّر منه وإلّا فإن المورد سيبيع بخسارة تؤدي إلى خروجه من السوق وهو ما يؤدي إلى التفرد أو التركز أو القوة السوقية لمن بقوا فيه ويشجع ويحفز على الممارسات الاحتكارية.
وبالنسبة لقرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتحرير الأسعار وتأثيره على عمل الهيئة وأي مجال تُرك للمنافسة بهذه الحالة وبأي أوجه ستظهر هذه المنافسة لاحقاً؟ يجيب إبراهيم أن هذا القرار الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هو الإعلان عن تحديد أسعار مبيع المستهلك بالاعتماد على فاتورة المنتجين والمستوردين وتجار الجملة وفق نسب الأرباح المحددة، وبالتالي القرار ليس تحريراً للأسعار إنما إعطاء هامش حرية لتجار المفرق، حيث ما زالت المواد مسعّرة من قبل الوزارة لتجار الجملة والمستوردين والمنتجين.
وبالنسبة للمنافسة فيُشير إبراهيم إلى أن المنافسة تكمن في تأثيرها على المستهلك والسوق بشكل عام وتظهر من خلال انخفاض الأسعار وكسب الزبائن ومحاولة لزيادة الحصة السوقية وتقديم مواد وسلع ذات نوعية جيدة وبأسعار مناسبة تلبي رغبات المستهلك، ما يعطيه خيارات متعددة ومتنوعة وحرية أكبر للمفاضلة واختيار المناسب له.
خبير اقتصادي: اتباع الهيئة لوزارة التجارة الداخلية غايته تهميش عملها
وبالمقابل تساءل خبير اقتصادي (تحفّظ على ذكر اسمه) في حوار مع “تشرين”: هل يعرف أحد عدد أفراد الهيئة مثلاً؟ أو هل لها أي فروع في المحافظات السورية؟ ماذا عن الضابطة العدلية الموجودة وهل دورها حقيقي؟ هل سمع أحد عن أهم أعمالها مؤخراً؟ هل بإمكان الهيئة ممارسة دورها المفترض في الظروف الحالية؟ وهل هم على قناعة أصلاً بوجود احتكار؟ بالطبع لا!!!
ويضيف: إن الهدف الأساس من نقل ارتباط الهيئة إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هو إضعاف عمل الهيئة وبالأخص عند مخاطبة الجهات الأخرى! وبحسب المادة ١٠ من قانون الهيئة فقد سُمح بعملية التركز الاقتصادي حتى نسبة30% وبالتالي فقد أُتيحت الفرصة لجهات أربع بالسيطرة على السوق فقط!
وفي سؤال الخبير عن سبب تغييب عمل الهيئة وما هي نتائج تفعيل دورها من جديد؟ يجيب متسائلاً مرة أخرى: هل من مصلحة التجار تفعيل الهيئة؟ بالطبع لا وفي حال تم تفعيلها فإننا سنشهد زيادة في المنافسة ولاحقاً انخفاضاً في الأسعار.
وبدوره يجيب إبراهيم على أسئلة الخبير مؤكداً أنه لا فروع في المحافظات لهذه الهيئة و عدد العاملين فيها لا يتجاوز 30 موظفاً و عشرة منهم فقط من الفئة الأولى!!
ويشير إبراهيم إلى أنه قبل الحرب كانت هناك منافسة كبيرة في السوق ولكن في ظل الظروف الحالية والحصار اضطرت الدولة للتدخل بهدف تأمين المواد وسهولة انسياب السلع والاحتكار إن وجد فهو جزئي وبسيط يكمن في نقص التوريدات وانخفاض الإنتاج تبعاً للظروف التي ذكرت سابقاً. وحالياً لا يوجد احتكار وإنما نقص طلب بسبب ضعف القدرة الشرائية.
وتابع إبراهيم متحدثاً عن أهم الإجراءات التي تتخذها الهيئة ومنها: القيام بجولات ميدانية دورية لرصد الأسواق المحلية للوقوف على واقع بعض السلع والمواد والخدمات من حيث توافرها ـ آلية تأمينها ـ حلقات الوساطة التجارية ـ ممارسات المنتجين والموزعين لها ومدى توافقها مع قانون المنافسة والتطورات الطارئة فيها أو تغير واقع بعض السلع نتيجة صدور قرارات أو تسعيرات جديدة.
إضافة إلى إجراء دراسات لبعض المواد التي تهم الحياة المعيشية اليومية للمواطنين وإرسال النتائج والمقترحات إلى الوزارة لرفعها للجهات المختصة لتأمين المواد والمحافظة على استقرار أسواقها. ومعالجة الشكاوى المخلة بقانون المنافسة الواردة للهيئة أياً كان مصدرها.