رفعت عطفة.. ينهي معارك طواحين الهواء!
تشرين- زيد قطريب:
أبرم رفعت عطفة “1947 – 2023″، اتفاقاً مع سرفانتس، أنهى بموجبه معارك طواحين الهواء، ثم غاب!. ولأنه “عاش ليرويها” مع ماركيز، وضع رمح دونكيشوت ونياشينه داخل صندوق في “جزيرة تحت البحر” ظهرت كرؤيا لإيزابيل الليندي، حتى لا يحرم المحاربين المفترضين، لاحقاً، من طاقة “دولثينيا” الإيجابية، عندما تستقبلهم مثخنين، وتعيدهم أشدّاء لجولة أخرى!.
“الرجل الذي لم يمت” مات. فنحن نحتاج إلى “شكل الخرائب” لغابرييل باسكت، لأن الخديعة مدونة في “سجلّ” خورخيه فولبي، و”ذكرى العاهرات الحزينات” اللواتي كنّ في الحقيقة “دولثينيات” حنونات لديهنّ الكثير ليحكينه للغرباء المتورطين في متعة السرد!.
رحل رفعت عطفة، ولم تنقذه “غرناطة بني نصر” لأنطونيو غالا، لكنه بقي يحلم “بالبيت الأخضر” لماريو بارغاس يوسا، و”مملكة التنين الذهبي” لإيزابيل الليندي، التي سحرته فنالت الكثير من ترجماته، لأنها صاحبة ثراء استثنائي مع نظرائها في الأدب اللاتيني كما يقول. ورغم أنه يتهم بالترجمة الحرفية أحياناً، إلّا أنه يفسر ذلك بالحفاظ على هوية النص، خاصة عندما يتورط السارد في متعة الشعر، فيورد عبارات تبدو نافرة في الرواية، ومثال ذلك “فضيحة الخضار والفواكه” في رواية ابنة الحظ لإيزابيل الليندي.
لم يصب عطفة بالنرجسية، ولم يستبعد الهنات في عمل المترجم، نظراً لخصوصية العمل ودقته وعلاقته الجوانية مع المؤلف. لكن ترجمته لدونكيشوت، تقف في الصف الأول مع ترجمات عربية متعددة. وربما حالفه الحظ في العبور إلى النصوص، أنه كتب الشعر والقصة والرواية.
مات رفعت عطفة، وترك لنا مهمة ترجمة تجربته الصعبة، لكن معجمه مفتوح ومسيرته تتحدث بلا تسويف أو ادعاء، ورغم أنه خسر معركته الأخيرة مع المرض، إلّا أنه ترك الباب مفتوحاً لجولات أخرى تنتظر الثقافة العربية في الوصول إلى الآخر وتقديم الذات.