ليس كل ما يلمع ذهباً

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
الوطن أرض وشعب، الشعب هو الذي يستطيع أن يجعل من الأرض روضة، أو صحراء قاحلة، وأن يتبنى معايير وقيماً بنّاءة، وذلك عبر منافذ التربية والتعليم التي تحدد سلوكيات الفرد ومفاهيمه، وتلك المنافذ أربعة، هي: البيت، المدرسة، دور العبادة، ووسائل الإعلام.
فالبيت رغم انتشار الأمية والخرافة، يتأثر تدريجياً بما كان يتعلمه الأبناء في المدرسة، وكان الآباء يبذلون الغالي والنفيس من أجل تعليم أبنائهم، واليوم لم يعد الآباء والأمهات يقومون بذلك، إنهم يعملون خارج البيت تاركين المسؤولية للمدرسة والمدرس الخاص، وكانت المدرسة– رغم قلّة الإمكانات- مؤسسة الانضباط والالتزام، وكان الثواب والعقاب أمراً لازماً وواجباً مع التنافس الخلاق والمطالعة الحرة وممارسة الأنشطة، وكان المدرّس هو القدوة، أما الآن فقد خلت المدرسة من كل ذلك، فالتلميذ يشعر بأنه أسير مبنى كئيب خالٍ من سبل الراحة، ودور العبادة مكان العبادة لكل دين، ولكن توصياتها لا تمس وقائع الحياة ولا تربط المشكلات بحلول وتخطيط علمي، لمحاربة الفساد المستشري في المجتمعات العربية وغيرها، وقس على ذلك وسائل الإعلام، إن القول المأثور (ليس كل ما يلمع ذهباً) أمر ينطبق على شعوب هبطت عليها ثروات طائلة من دون بذل جهد في تحقيقها، ورغم ذلك فإن الجامعات ومدارس التربية والتعليم كلها تلمع وتبهر، ولكن مع الأسف الشديد لا تربية ولا تعليم، فكلنا في الهم شرق.
وعلينا أن نأخذ العبرة من مجتمعات متقدمة، مجتمعات الالتزام والانضباط واحترام القانون ومراعاة الفردية، فالكل لهم حقوق وعليهم واجبات، والمساءلة والثواب والعقاب لا ينجو منها الصغير ولا الكبير، وعلينا أيضاً أن نتذكر أن البلاد العربية قد شهدت في القرن المنصرم في عقود كثيرة ذلك كله، حيث كان المتعلم والمعلم والأسطى والفلاح والعامل يعملون بإخلاص ويستثمرون خبراتهم في التلاميذ والصبية، وكان الذكاء يُقابَل بالإكبار والإعجاب، والمستثمرون والرأسماليون يبنون أسس الاقتصاد ليس في دولهم العربية، ولا ينهبون البنوك، ونادراً من يفكر في الهجر اختياراً أو قسراً، كان المفكرون لا يؤجرون أقلامهم، ولم يفتّ في عضدهم السجن والمعتقل.. وصدق الكاتب العربي الكبير (أحمد زويل) عندما قال مخاطباً المفكرين العرب: «لكي تنتصر على عدو لك، وتحقق الرفاهية، عليك بالعلم».
وأخيراً نجد أن شعوباً كانت مقيدة وفريسة للخرافة والطغيان رغم شح الموارد الطبيعية وقسوة المتاع (اليابان)، بل إن دولاً صغيرة المساحة قليلة السكان أظهرت منجزات علمية وتكنولوجية وردّت للفرد حقه، ما جعله يقوم بواجباته عن رضا وحماس (هولندا وفنلندا) على سبيل المثال، وغيرها من الدول التي تقدمت علمياً الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت مركز المصالحة الروسي يُقدم مساعدات طبيّة وصحيّة لمصلحة المركز الصحي في حطلة القوات الروسية تحسن تموضعها على عدة محاور.. وبيسكوف: المواجهة الحالية يثيرها الغرب