مؤتمر دافوس الاقتصادي والهيمنة الأمريكية ؟!.
انطلق مؤتمر (دافوس ) الاقتصادي العالمي بتاريخ 17/1/2023 بنسخته الثالثة والخمسين /53/ في مدينة دافوس السويسرية ومنتجعها في جبال الألب الجميلة، وهو منظمة غير حكومية لا تهدف للربح مقرها (جنيف) بسويسرا، وأسس المنتدى أستاذ في علم الاقتصاد السيد ( كلاوس شواب) في 1971. ويحضر جلسات المؤتمر عدد كبير من اقتصاديي وسياسيي العالم المؤثرين في القرار السياسي والاقتصادي العالمي ، واعتاد منظمو المؤتمر على عقده سنوياً في الفترة بين 16و20 من شهر كانون الثاني من كل عام ، ولكن دورته الحالية تختلف عن الدورات السابقة حيث تعقد وسط تناقضات دولية كبيرة و العالم منقسم على نفسه وتسيطر عليه الصراعات والانقسامات والتحالفات والأزمات بكل أنواعها من غذائية وطاقوية ومناخية وحالة عدم اليقين وزيادة الحروب وبؤر التوتر ومعدلات التضخم المرتفعة والبطالة والأسعار وعدد الفقراء والجياع ومظاهرات الاحتجاج الأوروبية، وحتى دعت منظمة (الشبيبة الاشتراكية السويسرية) إلى التظاهر في دافوس للمطالبة بفرض ضريبة تستهدف الأثرياء من أجل البيئة وشطب ديون دول الجنوب الفقيرة ويطلق عليها أحياناً الدول النامية أو المتخلفة أو الهامشية أو دول الأطراف أو في أحسن الأحوال الدول الأقلّ نمواً، من قبل دول الشمال الغنية، ولا سيما مع تراجع معدل النمو وزيادة الركود الاقتصادي وتداعيات الحرب الروسية الناتوية الأوكرانية على الأرض الأوكرانية وتراجع مستوى التجارة الخارجية والتعاون الدولي وزيادة حالات الإفلاس والديون المشكوك في تحصيلها والديون المعدومة وزيادة نفقات التسلح والعسكرة والموازنات العسكرية وخاصة في دول الناتو NATO …. الخ ، ومن هنا اختار منظمو المؤتمر عنواناً وشعاراً للدورة الحالية (التعاون في عالم مجزأ ) ، وقد عبر السيد رئيس منتدى دافوس السيد (بورغة بروندي) بقوله [ إن القمة التي تجري في منتجع الألب السويسرية تنعقد هذه السنة في ظل وضع سياسي واقتصادي هو الأكثر تعقيداً منذ عقود] . ويحضر الدورة الحالية أكثر من/ 2700 /مسؤول بارز من / 130 /دولة ومنهم الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء دول وحكومات ومنظمات دولية والبنك الدولي والأوروبي وصندوق النقد الدولي ووكالة الطاقة الدولية وعدد من وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية والمؤسسات المالية مثل (وول ستريت ) و(جي بي مورغان) و(بلاك روك) وغيرها، إضافة إلى وزراء خارجية واقتصاد ومالية وممثلي شركات استثمارية كبيرة وحوالي /600/ رئيس شركة وممثلين عن منظمات المجتمع المدني أو الأهلي وباحثين ومطربين وممثلين وأكبر مليارديرات العالم، كما تم في هذه الدورة استبعاد روسيا ولكن سبق ذلك أن أعلنت السفارة الروسية في سويسرا أن الوفد الروسي لن يشارك في فعاليات منتدى دافوس.
وتسعى دول الناتو ليكون المنتدى منصة دولية للتحريض ضد روسيا والصين وكل من يخالف الإدارة والإرادة الأمريكية، وزيادة التحريض عبر الاجتماعات الثنائية والمتعددة في جلسات المؤتمر وعلى هامش الجلسات، وقد لمح إلى ذلك كبار المشاركين مثل [ أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة وجون بايدن رئيس أمريكا والمستشار الألماني أولاف شولتس والأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ ] وغيرهم، وانطلاقاً من هذا فإن نتائج المؤتمر ستكون متواضعة بل سنزيد من التناقضات الدولية وسيعقد المشاكل الاقتصادية العالمية وتزداد معدلات البؤس والتضخم والركود والإفلاس والفوضى العالمية وخاصة الأوروبية وعجز السياسات النقدية والمالية والاستثمارية والائتمانية وغيرها لمواجهة مشاكل القارة العجوز، ولهذا تسيطر حالة من التشاؤم على انعقاد المؤتمر وخاصة بعد أن أكدت مديرة المنتدى الاقتصادي العالمي السيدة (سعدية زهيدي) بقولها [ في ظل توقع ثلثي كبار الاقتصاديين حدوث ركود عالمي في عام 2023، فإن الاقتصاد العالمي في وضع غير مستقر. التضخم المرتفع الحالي والنمو المنخفض والديون المرتفعة والتجزئة المرتفعة تقلل من حوافز الاستثمار اللازم لاستئناف النمو وتحسين مستويات المعيشة للسكان الأكثر ضعفاً في العالم] ، كما حذرت أيضاً السيدة مديرة صندوق النقد الدولي( كري ستالينا جور جيفا ) من أن ثلث الاقتصاد العالمي سيتعرض لحالة ركود خلال هذا العام.
فهل يستطيع المنتدى وضع رؤية اقتصادية للخروج من ( الأعناق الزجاجية العالمية ) أي الاختناقات وتجاوز تراجع سلاسل التوريد العالمية، ويحسن من وضع الاقتصاد العالمي وسكان العالم حسب تقرير الأمم المتحدة بحدود /8/ مليارات نسمة وعدد الفقراء منهم حوالي / 1،5/ مليار أي بنسبة /19%/ ونرى أن نتائج المؤتمر ستفقد معناها وتأثيرها قبل أن يجف حبرها !