يحملن الشهادات بيد والمعول بيد أخرى.. متعلمات لفظن العادات البالية واتجهن نحو العمل المنتج
تشرين – أيمن فلحوط:
حزمت أمرها بعد انتهاء قطاف الزيتون العائد لأسرتها، وقررت مع أفراد العائلة الاستجابة لطلب جارتهم المعلمة الابتدائية لقطف الزيتون في بستانها الواسع في طرطوس، الذي يضم 5 دونمات من الأرض المزروعة بأشجار الزيتون، بينها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.
لم تكن وحدها ممن عقدوا العزم على المشاركة في موسم قطاف الزيتون المنصرم، مع نهاية فصل الخريف، الذين حصلوا على أيام قليلة من الإجازات السنوية لهم في ميادين أعمالهم، ليشدوا الرحال إلى بساتين الزيتون، سعياً لتأمين المونة من جهة زيتاً وزيتوناً، ودخلاً مفيداً في هذا الموسم الذي تجني فيه الأسرة في أيام معدودة ما يعادل رواتب أشهر، يساعدها على تأمين احتياجاتها ومتطلباتها الضرورية المتعددة في الحياة، وفي ظل ظروف معاشية صعبة، وقسم آخر لمساعدة أهاليهم في جني المحصول.
تعويضات جيدة
لم تجد المهندسة الزراعية أي حرج في التوجه للعمل، مؤكدة أن العمل مفيد وذو قيمة ولا عيب فيه، لطالما يؤمن دخلاً مفيداً تتجاوز قيمته راتب شهرين خلال ثمانية أيام من العمل، بواقع يتقاضى على أساسه “النبار” بين 35 و40 ألف ليرة يومياً و”اللقاط” بين 25 و30 ألف ليرة، بالرغم من الجهد والتعب من جراء العمل المضني في هذا الإطار، وتختلف الأجرة اليومية بين مالك وآخر، فالمعلمة المتقاعدة كانت تقدم 25 ألفاً للقاط و35 ألفاً للنبار، في حين دكتور يملك بستاناً آخر عملت شقيقة للمهندسة فيه كانت أجرتها اليومية الحد الأعلى المقدم للعاملين في مجال قطاف الزيتون، أي نالت أكثر من المهندسة، وتالياً يمكن من هذا الدخل الإضافي تأمين الاحتياجات الضرورية التي لا يسعف الراتب الشهري تأمينها، لتغدو هذه المسألة ظاهرة نراها خلال موسم قطاف الزيتون في الساحل السوري بشكل أوسع من بقية المناطق.
النبار واللقاط
والنبار كمصطلح في المنطقة يعني من يقوم بحمل عصا صغيرة أو متوسطة وأحياناً طويلة، حسب احتياجات كل شجرة وحجمها وطولها، ويتراوح طولها بين 1 و2 متر، من أجل الوصول للثمار التي لا يمكن التقاطها باليد، ويكون ممن يصعدون للأشجار، بعكس اللقاط الذي يكون عمله على أرض البستان لالتقاط حبات الزيتون، من الأرض التي يتم فرش بساط عليها كي لا يتلوث الزيتون بالتراب.
نصائح للمزارعين
وقالت المهندسة الزراعية: كنت سعيدة بالعمل، مع إنّ سكان الضيعة صاروا يتحدثون: “مهندسة تعمل وتشتغل في قطف الزيتون..” فقلت لهم العمل ليس عيباً، وقدمت لهم النصائح التي يحتاجونها في مجال زراعة أشجار الزيتون ورعايتها، وبينت لهم مساوئ النبر على أشجار الزيتون، المتمثلة بضرب الشجرة بقوة بالعصا، ما يؤدي إلى تعرض أفرعها للجروح أو الكسر، فنجعلها عرضة للإصابة بالشمس، وتالياً تصاب بمرض اللفحة، أو إصابات بكتيرية أخرى.
كما تطرقت للطريقة المثلى للتقليم، وعدم التقليم الزائد، وإزالة الأفرع الزائدة والمريضة، وأهمية جمعها ووضعها على أطراف الحقل.
وشرحت لهم مواعيد التسميد التي تبدأ بعد 15 يوماً من ارتياح الشجرة من الضرب، ليضاف بعد ذلك سماد الفيرمي كومبوست أو الفوسفور والبوتاس، لكونها عناصر بطيئة التحلل، ويكون ذلك في كانون الأول بعد الموسم بكميات تتراوح بين 2 و5 كيلو غرامات حسب عمر الشجرة وطبيعة التربة.
الاستعانة بالآخرين
بدورها المعلمة المتقاعدة والتي كانت تدرّس في المرحلة الابتدائية بيّنت حاجتها للاستعانة بالآخرين في عملية قطاف الزيتون لكونها وحيدة، وموسم الزيتون هو الوحيد الذي يؤمن لها احتياجاتها كافة، فتقوم لذلك بتكليف عمال لحراثة الأرض والتقليم والتسميد، وغيرها من مستلزمات العمل والإنتاج، وخاصة في علميات القطاف، وتختار كما تقول من يستطيع العمل بشكل جيد في عمليات القطاف، ونقل المحصول إلى المعصرة، لذلك توجهت إلى جارتها المهندسة للاستعانة بخبرتها وتجربتها في العمل (وكما قالت في العامية:المهندسة كدعة في العمل).
وتضيف صاحبة بستان الزيتون: كرست حياتي بعد التقاعد في الاهتمام ورعاية البستان، ليكون دخلاً يساعدني في الظروف المعيشية الصعبة، خاصة مع عدم كفاية راتب التقاعد الزهيد لأي مستلزمات أساسية في الحياة.
8 ساعات عمل
يبدأ عمل الورشة المخصصة للقطاف في السابعة والنصف صباحاً وحتى الرابعة عصراً كما تشير المهندسة الزراعية، مضيفة إن أنواع الزيتون المستخدمة التي تعرفها هي: الصفراوي، الخضراوي، الصوراني، السكري، العيروني، الدعيبلي، القشابي.
وتنكة ثمار الزيتون الواحدة تتراوح بين 12 و13 كيلو غراماً من حبات الزيتون، وتعطي هذه عند العصر رطلاً من الزيت، (الرطل هو 2 كيلو ونصف الكيلو).
تتكون الورشة من 6 أشخاص يقودها رئيس الورشة، وتمنح نصف ساعة لتناول الطعام، الذي يكون العامل قد جلبه معه من بيته، في حين يتكفل صاحب البستان بالنقل من المنزل إلى مكان البستان.