الموسيقيّ محمد زغلول يدعو إلى إيجاد خطة واضحة لإنقاذ مستقبل موسيقانا
إدريس مراد:
تحرص أوركسترا دمشق التي أسسها الموسيقي محمد زغلول على تقديم أفكار جديدة والتي تترك أثراً عند المتلقي، ولذلك تبتعد عن الكم مكتفية بعدد قليل من الحفلات ولكنها تترك خلفها بصمة في الساحة الفنية السورية، إذ خصصت إحدى أمسياتها في عام 2022 في دار الأوبرا لأغاني عبد الحليم حافظ بقيادة الموسيقي مؤيد الخالدي بتوزيع موسيقي جديد، وبرفقة أصوات سورية مميزة كسومر نجار وريان جريرة وعبد الملك إسماعيل إضافة إلى كورال منسجم الأداء، كما أحيت حفلة بقيادة مؤسسها محمد زغلول في قصر العظم تحت عنوان «سهرة طرب» لتقدم فيها وأول مرة مقطوعة «شروق» للموسيقي المصري هاني مهنا وعدداً من الأعمال العربية فضلاً عن وصلة غنائية للفنان السوري ذياب مشهور عرفاناً لما قدمه للمشهد الغنائي وتحيةً إلى روحه.
البحث عن النوع
يقول محمد زغلول واصفاً فرقته: «أوركسترا دمشق تدعم المواهب الموسيقية الشابة والمحترفين على حد سواء، في الغناء والموسيقا والتأليف، وهذه رسالة الأوركسترا منذ التأسيس، ونحرص دائماً على أن نقدم ما هو مميز، لذلك لست مع الظهور الكثير بقدر ما نبحث عن النوع».
بين القيادة والإدارة
يفصح الموسيقي «زغلول» عن رضاه بنشاطه خلال العام الفائت، ويؤكد أنه كان عاماً مملوءاً بالفعاليات، وبالنسبة له فقد شارك في العديد من الحفلات، إذ قاد فرقاً موسيقية بدمشق والمحافظات، ويتابع قائلاً: «تشرفت بقيادة حفل للفنان صفوان العابد على مسرح قصر العظم، هذا الصوت السوري العريق والأصيل الذي يحمل رسالة الحفاظ على التراث والقدود الحلبية، كما عملت مديراً إدارياً لحفلات المايسترو طاهر ماملي بعدة مدن سورية ولحفلات الفرقة الوطنية للموسيقا العربية و الأوركسترا السورية، وأوركسترا أورفيوس، كما كنت مديراً إدارياً لحفلات يوم السياحة التي أقيمت بحلب، والتي ضمت فعاليات ضخمة وصل تعداد المشاركين فيها إلى ما يقارب ثلاثمئة فنان».
وعن مسيرته في إدارة الفرق الموسيقية يقول: «أعمل في مجال إدارة الفرق منذ تخرجي في المعهد العالي للموسيقا عام 1997 و للفنان الكبير أسعد فضة فضل في ذلك عندما كان مديراً للمسارح والموسيقا وأيضاً الفنان الكبير حسين نازك، إذ بدأت مع فرقة «زنوبيا» للفنون الشعبية، وبعدها انطلقت مع بقية الفرق، وأنا مدير إداري للفرقة السيمفونية الوطنية منذ عام 2002، وهذه التجارب منحتني خبرة تراكمية وعلاقة بالمكان والأشخاص، إذ أقضي أغلب وقتي في دار الأوبرا والمعهد العالي للموسيقا ما خلق لدي حالة حب واحترام مع الموسيقيين وانتماء للمكان وجعلني أقدم كل ما لدي لأعطي ما هو أجمل».
الموسيقيّ يحتاج الدعم
وعن حالة الموسيقا لدينا يتابع حديثه: «لاشك في أن الحرب أثرت في الموسيقا السورية، ورغم ذلك هناك حركة موسيقية جيدة، ونطمح إلى الأفضل، وذلك من خلال دعم مادي أكثر للموسيقي لكونه يحتاج إلى مظهر لائق للظهور ووسيلة نقل لأنه لايستطيع أن ينقل آلته بالمواصلات العامة كي نحافظ على موسيقيينا ولا نترك لديهم سبباً للهجرة، كما فعل الكثيرون منهم، والمشكلة الأساسية تكمن في الأجور على الأقل مقارنتها بأجور فناني الدراما، ربما يقول أحدهم إنّ الممثل هو نجم لذلك أجره أكثر، نعم يمكن أن يصبح نجماً خلال ظهوره في مسلسلين فقط، وفي الوقت ذاته يمكن للموسيقي أن يظهر على المسارح ثلاثين عاماً ولا يعرفه أحد رغم تعبه وجهده في مواصلة المسيرة الفنية، وهكذا تتعامل الجهات المعنية أيضاً في التعاطي مع الأجور وهو أسلوب مجحف وغير منطقي».
أرشفة التراث
وعن التعامل مع التراث الموسيقي يقول: «نحتاج إلى توثيق التراث وتحويله لجهات تهتم بهذا الموضوع، وتستطيع أرشفة المكتبة السورية الموسيقية، فمثلاً هناك أشخاص رحلوا وذهبت معهم أشياء كثيرة من تاريخنا وإرثنا الثقافي، ينبغي على الأقل أن نلحق من بقي منهم على قيد الحياة، ونحاول الاستفادة من خبرتهم وأرشفة ما لديهم».
مستقبل موسيقانا
وينهي الموسيقي «محمد زغلول» حديثه قائلاً: ينبغي أن نهتم اليوم بمواهب الأطفال لدينا، وهي كثيرة وتالياً نفكر بمستقبل موسيقانا الذي يبدأ مع الطفل، لأن الوضع مخيف من هذه الناحية، وإن بقي هكذا ربما لن نجد موسيقياً بعد خمس سنوات، لابد من إيجاد خطة واضحة للسنوات القادمة لتطوير وتأهيل كوادر فنية موسيقية سورية.