زيارة المهرج الأوكراني وسط البروباغندا الأمريكية لفك التحالفات الاستراتيجية الروسية 

ميشيل كلاغاصي:

في زيارة هوليودية قام بها المهرج  النازي فولوديمير زيلينسكي، وحل من خلالها ضيفاً «كبيراً» على العجوز بايدن الراعي الأول للنازية، حيث مَثَلَ زيلينسكي بين يدي أسياده في الولايات المتحدة، بثيابه غير اللائقة بمن حضروا عرضه المسرحي الأول خارج بلاده منذ بداية الأزمة الأوكرانية، والتقى الرئيس الأمريكي، وألقى كلمةً في الكونغرس، وسط تهليل نانسي بيلوسي وأعضاء من الكونغرس وتصفيقهم، وهداياهم «الميلادية» على شكل دعمٍ مالي، ومالي – عسكري، في مشهد واضح الغاية والهدف من استقبال زيلينسكي كرجل حرب، بهدف دعم إستمرارها وإطالة أمدها، وفق أجندة المراحل التصعيدية القادمة.

وبالفعل فقد حصل زيلينسكي على وعود بمساعدات مالية وعسكرية، وأمنية إضافية بقيمة 1.8 مليار دولار، بعدما وافق مجلس النواب الأمريكي على تقديم 45 مليار دولار من الميزانية الاتحادية، وعلى 800 مليون دولار من الميزانية الدفاعية لعام 2023.

وعن صدى الزيارة داخل الولايات المتحدة.. لم يرق العرض للكثيرين خارج الولايات المتحدة وداخلها، وبدا هذا جلياً في سرعة انتقاد عديد الساسة الأمريكيين عبر مواقعهم على «تويتر» وفي بعض وسائل الإعلام، حيث سخرت الصحفية الأمريكية الشهيرة كانديس أوينز، من مشهد ظهوره في البيت الأبيض، كذلك شعر عضو الكونغرس الجمهوري ديفيد ستوكمان بأنه يكاد يتقيأ من الأكاذيب التي أطلقت على منبر الكونغرس، في محاولة لإقناع دافعي الضرائب الأمريكيين بمواصلة رعايتهم لنظام كييف، فيما اعتبر المرشح لمنصب حاكم ولاية كنتاكي، جيفري يونغ، أن كل من صوّت في الكونغرس لمصلحة تقديم مساعدةٍ جديدة لأوكرانيا هو راعٍ للنازية، وعبر عن اشمئزازه من تصويت الديمقراطيين لمصلحة تزويد حكومة النازيين الأوكران بأسلحة جديدة وبأموال إضافية، كذلك انتقد الجمهوري مات جويتز مهزلة «التصفيق» لزيلينسكي، وأكد أن الولايات المتحدة تدفع نحو تفاقم الأزمة، وتسهم في إراقة المزيد من الدماء.

كما سخر اّخرون من وقاحة زيلينسكي، الذي لم يزر واشنطن لشكرها على كل ما قدمته له، بل ليطالب بالمزيد من الدعم المالي والعسكري، فيما أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن: «خطاب زيلينسكي يثبت رغبته في مواصلة الصراع»، وتحدث اّخرون عن زلة اللسان الجديدة للرئيس بايدن، الذي اختلط عليه الأمر ما بين زيلينسكي وبوتين بقوله: «إن بوتين وروسيا منفتحان على مفاوضاتٍ سلمية لحل الأزمة الأوكرانية»، في حين أنه كان يقصد زيلينسكي وأوكرانيا، وفوجئ بما نطقه لسانه، وسارع لتصحيح كلامه على الفور وبالقول إن: «الولايات المتحدة ستواصل دعم زيلينسكي».

وفي المؤتمر الصحفي للرئيسين، أكد زيلينسكي أن أوكرانيا «لن تستسلم أبداً» وتعهد بأنه لن تكون هناك «تنازلات» في أي محاولة لإنهاء الحرب، وأن المساعدة لأوكرانيا «ليست صدقة» بل هي «استثمار في الأمن العالمي»، كذلك ذكر بايدن أن بلاده ستستمر بدعم أوكرانيا، وأن «الشعب الأمريكي مستعد للوقوف في وجه المتنمرين وسيدافع عن الحرية، وسنبقي معاً شعلة الحرية مشتعلة».

بات واضحاً أن ما كل ما يتحدث عنه الجانب الأمريكي على المستويين السياسي والإعلامي، حول عملية التفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب، لا يعدو أكثر من أكاذيب وأضاليل، تبحث من خلالها عن تحضير الأرضية للانتقال إلى مراحل الجديدة من الصراع، وبات مؤكداً أنها لا تبحث عن السلام، بل على العكس يبدو أنها تمتلك الكثير من الجدية والإصرار على تحطيم الاقتصاد الروسي بالكامل، وإذلال الرئيس فلاديمير بوتين، والمضي قدماً في مخطط تقسيم الفضاء الجغرافي الروسي والأوراسي، من دون أن تحاول تقييم ما تتعرض له أوكرانيا من تدمير، ومدى قدرتها على الاستمرار في القتال، في وقتٍ لا تهتم فيه الإدارة الأمريكية سوى باستمرار الحرب والسير على طريق إضعاف روسيا وإنهاكها عسكرياً واقتصادياً، بالتوازي مع عملية التفتيت الأمريكي التي تفرضها واشنطن على حلفائها الأوروبيين، وتحديداً دول الاتحاد الأوروبي، فهزيمة اليورو تعني واشنطن أكثر من مما تعنيها هزيمة وسقوط أنظمة «القطيع الأوروبي».

منذ ما قبل عام 2014، كان الهدف الأمريكي جر روسيا إلى ميدان الصراع العسكري في أوكرانيا، وإلحاق الهزيمة بها، لكنها فوجئت بقوتها العسكرية خصوصاً في مجالي السلاح الجوي والصاروخي بشكلٍ رئيسي، ناهيك بقوتها الاقتصادية ودقة حساباتها المالية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية، وتحالفاتها الاستراتيجية مع الصين وكوريا الشمالية وإيران، ما جعل مهمة واشنطن تبدو مستحيلة، فعمدت إلى محاولات إبعاد موسكو عن حلفائها، وإشغالهم بملفاتٍ أخرى، تكون على درجة من الخطورة لجعلهم يهتمون بأمن واستقرار دولهم، عبر زعزعة الداخل والمحيط الحيوي لكل منهم، بما يمس سيادتهم ووحدة بلادهم وأنظمتهم السياسية.

فقد كانت على وشك الاتفاق والتوقيع مع إيران حول ملفها النووي، لكنها مارست كل أشكال الخداع والمراوغة والاستفزاز، لتأجيل توقيع الاتفاق، حتى خرج الرئيس بايدن ليقول أمس الأول: إن الاتفاق النووي مع إيران «قد مات»، وبذلك استهلكت حوالي 10 أشهر منذ بدء العملية العسكرية الروسية في شباط 2022، مقابل أن تجعل من إيران دولةً محايدة في الصراع الروسي – الدولي في أوكرانيا، وتحرم موسكو من مؤازرة حليفها الإيراني، إضافة لإشغال إيران في المشهد الداخلي، وزعزعة الاستقرار والتخريب المنظم في مشهد مشابه لمشروع لما يسمى «الربيع العربي» الذي تم دعمه وتصديره وقيادته من خارج البلاد، بالاعتماد على قوى المعارضة الخارجية ومؤيديها وعملائها في الداخل.

كذلك الحال بالنسبة إلى الصين، التي حاولت إشغالها وتهديد أمنها القومي وسيادتها ووحدتها، عبر نسف «مبدأ الصين الواحدة» عبر حكومة تايوان – الانفصالية وقواتها المسلحة، بعد أن قدمت لها كل أشكال الدعم السياسي والمالي والعسكري، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى حاولت إشغالها أيضاً بعدة أزمات سياسية مع دول المنطقة وبالتصعيد مع اليابان وغيرها، وبفتح باب جهنم في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، إضافة إلى الفخ والإغراء الاقتصادي لإلهاء الصين بالعلاقات والاتفاقات التجارية والاستثمارات مع عدد من الدول الحليفة لواشنطن في المنطقة العربية والخليجية، وكل هذا بهدف إبعاد الصين، وهي الحليف الاستراتيجي لروسيا، لكن المناورات الصينية – الروسية الأخيرة كانت بمنزلة الرد الصيني الواضح على تمسكها بعلاقاتها وتحالفها الاستراتيجي مع موسكو.

كذلك كثفت ضغوطها وحصارها على سورية، وبيلاروس، وكوريا الديمقراطية، وكل حلفاء موسكو، بهدف عزلها وحرمانها من مساندتهم، ونسجت من أضاليلها وأكاذيبها بروباغندا إعلامية – سياسية للضغط على كل حلفاء موسكو، واتهمت إيران بتوريد المسيرات والصواريخ ومختلف أنواع الأسلحة، لدعم قوات الدولة الروسية، التي بدأت مخازنها تعاني من شح ونفاد الأسلحة والذخائر، وأنها على طريق الهزيمة.

واتبعت مع كوريا الديمقراطية الأمر ذاته، واتهمها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بتزويد مجموعة فاغنر الروسية بإمدادات عسكرية، كذلك زعم منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، بأن كوريا الديمقراطية «زودت روسيا بالصواريخ ودعم مجموعة فاغنر بها»، لكن المخضرمة ماريا زاخاروفا علقت بالطريقة الصينية على مزاعم بلينكن بقولها: «غريب الأطوار ويفسر الأحلام»، كذلك نفت كوريا الديمقراطية المزاعم الأمريكية، وفعل مؤسس شركة فاغنر، يفغيني بريغوزين، الشيء نفسه، وأكد أن أتهامات جون كيربي ليست سوى تكهنات.

تبدو الاتهامات والمزاعم الأمريكية حول تلقي روسيا مساعدات عسكرية من حلفائها، ومحاولاتها الحثيثة لمنعها، تشكل الأمل الوحيد لترويج بروباغندا نفاد الأسلحة الروسية، الأمر الذي سيفتح باب الأمل والتفكير أمام حلفاء واشنطن المغفلين الحالمين بالانتصار على روسيا وحلفائها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
"الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع.. القاضي مراد: الانتخابات جرت بإشراف قضائي كامل بدءاً من الترشيح وحتى إعلان النتائج السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك