“زراعة” اللحوم من الخلايا الحيوانية.. لم تصل لأسواقنا بعد !!
تشرين:
مع تواصل ارتفاع أسعار اللحوم وعدم قدرة الأسرة على تأمين احتياجاتها.. تبتكر ربة الأسرة السورية بدائل عن اللحوم بداية من خلال التعويض بالحبوب أو استعمال المنكهات، أو شراء بعض القطع من الدهن أو العظم الأرخص ثمناً لإعطاء النكهة للطعام .. لكن ما لم يخطر على البال ذلك الابتكار الجديد المسمى” زراعة” اللحوم و”استنباتها”.. وكما هي العادة أهداف التكنولوجيا كانت استنبات الأصناف النادرة والغالية الثمن وتقديمها على موائد من يشتهيها.. لكن هل يستطيع مجتمعنا الذي يفاخر بأعداد الثروة الحيوانية الطبيعية وتربية الدجاج والأغنام والأبقار في المزارع والبيوت الريفية قبول مثل هذه الأفكار ..!!
هذه التقنية تطبق على جميع أنواع اللحوم سواء الأبقار أو الأغنام، وكذلك الدواجن والأسماك .. وإذا كانت الحاجة أمّ الاختراع , فربما علينا التحرك بسرعة, ولعلّنا نستبق الأمور ونحلّ مشكلاتنا مع ارتفاع أسعار اللحوم بطريقة أخرى ولعلّنا نصل إلى حلول أكثر قابلية للتطبيق من خلال تأمين الأعلاف والحفاظ على الثروة الحيوانية .. وإلّا فالبدائل قد تدق باب الأسواق بأسرع مما نتخيل.
أمام ما نعانيه من غلاء وارتفاع بالأسعار وعدم مقدرة الكثيرين على شراء لحوم الأغنام أو الأبقار أو الأسماك أو حتى الدجاج، وأمام تحديات ما يعانيه المربون من ارتفاع تكاليف الأعلاف.. تأتي التكنولوجيا لتطرح أفكاراً جديدة على طريقتها .. سواء سمعت عنها أم لم تسمع، وسواء تذوقتها أم تعتقد أنك لن تستسيغها لكونك معتاداً على التهام اللحوم التقليدية، فالمؤكد أن العالم أمام ثورة في عالم الأغذية والبيئة، لكنها ثورة يرافقها الكثير من التحديات، والطريق مملوء بالمصاعب التمويلية والتسويقية، وخاصة مع الجدل الطبي المثار حولها، فما هي تلك اللحوم المزروعة أو المصنّعة؟.
يقول الخبير الاقتصادي هشام خياط : في الحقيقة لا يزال هناك جدل حول الاسم، وقد استخدمت مجموعة متنوعة من المصطلحات لوصف عملية ” زراعة” اللحوم من الخلايا الحيوانية، والمصطلحان الأكثر استخداماً من قبل الشركات في هذا المجال هما؛ اللحوم “المزروعة” أو “المستنبتة” .. وحتى الآن لا يفضل كثير من المتخصصين اسم اللحوم المصنّعة، على الرغم من أن الصحافة ووسائل الإعلام تستخدمه بكثرة إلى الآن على الأقل.
السبب في عدم تشجيع المتخصصين لتعبير اللحوم المصنّعة يعود إلى أن اللحوم الطبيعية التي يتم حفظها بطرق المعالجة توصف غالباً بالمصنّعة، أما اللحوم المزروعة أو المستنبتة، كما يفضل الخبراء تسميتها فيتم الحصول عليها بأخذ عينات صغيرة من الخلايا الحيوانية لحيوانات حية، ثم زرع تلك الخلايا في بيئة محكمة، وجعلها تنمو في المختبر مدة من الزمن، وعبر التحكم في كثافة الخلايا وتقنيات الشكل، نحصل على قطع من اللحم تشبه في الطعم والرائحة والتركيب الغذائي قطع اللحم التقليدية. تلك التقنية تطبق على جميع أنواع اللحوم سواء للأبقار أو الأغنام، وكذلك الدواجن والأسماك.
ويلفت خياط بشأن اللحوم المستنبتة، التي على الرغم من محدودية انتشارها في الوقت الحالي، فإنها تعدّ أنموذجاً حياً للسرعة التي يغذي الابتكار التقدم في العلوم البيولوجية والقدرة الفائقة للعمل على حلّ كثير من المشكلات التي تواجه سكان الكوكب.
الحديث عن هذا النوع من اللحوم برز بقوة في وسائل الإعلام عام 2020، وتشير بعض الدراسات إلى أن صناعة اللحوم المستنبتة تضم حالياً أكثر قليلاً من 100 شركة ناشئة، حيث أفلحت في جذب استثمارات بأكثر من 2.2 مليار دولار العام الماضي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما اجتذبته العام السابق، وبعض الاستثمارات تلك تتدفق من أكبر شركات البروتين الحيواني في العالم.
ويؤكد الخبير الاقتصادي خياط : (من الصعب علينا أن نستسيغ هذه الأغذية لكنّ دولاً أخرى رحبت بالفكرة .. فبدلاً من الاعتماد على تربية الحيوانات لتوفير اللحوم سعوا إلى إنتاج اللحوم في المختبر، هذا الابتكار سيغير قوائم الطعام في العالم، بل الأهم أن المستهلكين يمكنهم مستقبلاً أن يتذوقوا أنواعاً من لحوم بقر لا يتناولها غير أعداد محدودة من الأثرياء).
ويقول: (يمكن بفضل فكرة استنبات اللحوم في المختبر أن تتذوق تلك اللحوم باهظة التكلفة مقابل ما تدفعه حالياً لـ(سندويتش) من الهامبرغر، هذا يعني أن بلداً صغيراً بموارد محدودة للغاية في مجال الثروة الحيوانية يمكنه أن يقدم لمواطنيه البروتين الحيواني الفاخر بالأسعار ذاتها، التي تقدمها البلدان ذات السهول العشبية والمراعي الضخمة.