والدة الشهيد إبراهيم جاسم المحمد: عندما تزغرد الأم لابنها الشهيد تزغرد معها السماء
اللقاء بأمهات الشهداء كان صعباً للغاية، وذلك نتيجة للمشاعر الجياشة التي فاضت منذ الاتصالات التي تمت لإعداد هذه المادة، ولن تنتهي تلك المشاعر إلا بعد الكثير من الزمن. فكل كلمة قيلت رافقتها الدموع ، دموع الأم التي (ودعته بدمعتين ووردة وعاد مستشهداً). (فاحتضَنـْتـُه وقـَبــّلــْتـُه على خديه وجبينه، وشمتٌ رائحته فكانت تفوح عطراً كفوح الياسمين) هكذا بدأت الحاجة نورية محمد كامل عكلة حديثها، عن ولدها الشهيد إبراهيم جاسم المحمد.
وأضافت بحرقة: (عندما أبلـِغـتُ باستشهاد ابني إبراهيم أبو خليل لم أصدق. وكنت طوال الطريق إلى المستشفى أقول لنفسي عندما أصل سأجده يستقبلني ويحتضنني، فهو فقط مصاب إصابة خفيفة وسيشفى ثم يعود إلي واحتضنه من جديد وأقـبـّله قبل أن يعود مرة أخرى لقتال المجموعات الإ*رها*بية المسلحة. وكعادتي مثل كل أم أوصيه بأن يكون بطلاً يرفع رأسي يدافع عن أرضه وعرضه بكل بسالة، لا يعرف الخوف طريقاً إلى قلبه، وكيف ذلك وأبو خليل كان طوال عمره بطلاً جريئاً مقداماً لا يخشى في الحق لومة لائم. لكنني عندما وصلت المستشفى فوجئت به يستقبلني شهيداً على وجهه ترتسم ابتسامة الأبطال لكأنه أقدم على الشهادة بفرح، انفجرت الدموع من عيني وبكيت بحرقة وبكى معي كل من كان في المستشفى ، فعندما تبكي الأم يبكي العالم، وعندما تفرح ، تفرح لفرحها الدنيا، وعندما تزغرد لابنها الشهيد تزغرد معها السماء وترقص الملائكة.
حين كان صدى نحيبي يتردد في كل الأرجاء انكببتُ عليه وأحسست وكأنه يقول لي هاأنذا كنتُ على العهد يا أمي دافعتُ بكل شجاعة عن وطني، وبقيتُ أقاتل إلى أن نلت شرف الشهادة).
تصمت الحاجة أم أيمن قليلاً، تكفكفُ دموعها، تسحبُ نفساً عميقاً، تتبعه بحسرة ، وبعد أن تستعيد أنفاسها تقول: أذكر أن إبراهيم ولد في بداية الربيع في السادس من آذار 1978، وما إن صار شاباً واشتد عوده بادر إلى التطوع . وكان مثالاً للجندي الملتزم، خلوقاً مهذباً يحبه كل من يلتقيه لأنه من دماثة خلقه يدخل القلب بدون استئذان. ولهذا من الطبيعي أن يحبه رؤساؤه وزملاؤه وأصدقاؤه وجيرانه، ومن الطبيعي أيضاً أن يرثوه في يوم استشهاده دموعاً وحرقة. فقد استشهد بتاريخ 2015/6/28 وهو يدافع عن الحسكة ضد المجموعات الإ*رها*بية التي حاولت تدنيسها. وروى لنا زملاؤه أنه في ذلك اليوم استحم وتعطر وتوجه مع رفاقه إلى حي غويران جنوب الحسكة لأداء الواجب، وهناك اشتبك مع مجموعة من الإ*رها*بيين، وبعد أن قـَتـَل منهم ما قـَتـَل ارتقى شهيداً برصاصة غادرة لقناص كافر).
وفي جميع الأحوال تتوجه الحاجة نورية محمد كامل عكلة إلى الله بالحمد والشكر لأنه أكرمها باستشهاد ولدها إبراهيم، فهي اليوم صارت تـُكـَنـّى بأجمل لقب وهو (أم الشهيد).