عودوا إلى الزراعة
الأمل بالزراعة، وفيها الحياة، والحلول للعديد من مشكلاتنا على أكثر من صعيد، خاصة إذا ما تمسكنا بريفنا المعطاء ووفرنا له مقومات النجاح، فأرضنا خيرة وتجود فيها مختلف الزراعات، وبيئتنا إذا ما استثمرت بالشكل المناسب ستكون الغلال وفيرة.
صحيح أن قسماً كبيراً من المعاناة كان بسبب الحرب علينا، والاحتلال الأمريكي ومساعديه من المجموعات الإرهابية، الذين سطوا على مخازن الحبوب واحرقوا مواسمها في السنوات السابقة، ونهبوا ثرواتنا الباطنية.
الزراعة أحد الفنون المهمة في طريقة التعامل مع النباتات وكذلك الحيوانات، وبمقدار النجاح في التعامل مع ذلك يكون النجاح حليفنا في تجاوز العديد من المشكلات، لأن الزراعة مورد اقتصادي مهم، وتساهم في توفير المواد الغذائية والصحية للإنسان، وتخلق فرص العمل للعديد من المشتغلين بها على أكثر من صعيد.
سأسوق مثالين أعتقد أنهما تجربتان مهمتان، تدلان على مدى التفكير السليم في التعاطي مع الشأن الزراعي.
فبدلاً من أشجار الفيكس والزينة عديمة المنفعة قامت إسبانيا ومنذ سنوات بزراعة أشجار برتقال في شوارع إشبيلية، حتى وصل عددها إلى 40 ألف شجرة تنتج مليون كيلو برتقال، ويقوم مجلس المدينة برعاية تلك الأشجار وبيع المحصول وإنتاج أجود أنواع المربيات التي يتم تصديرها للخارج. عدا عن كون تلك الأشجار توفر الظل في جميع فصول السنة، ورائحة الأزهار المنعشة في فصل الربيع، وتضفي على الشوارع البهجة والسرور.
وهذا ما يجعلنا نطالب الجهات المعنية بالتفكير الجدي لفعل ذلك، فهل هناك صعوبة في تحقيقه إذا ما توفرت النيات الصداقة لإنجازه، نظراً لمنعكساته الإيجابية.
المثال الآخر من موريتانيا التي عملت على زراعة 150 مليون نخلة من وادان إلى بنشاب، وتشير التقديرات الى أنها ستدر عليها سنوياً 12 مليار دولار، وتوفر فرص عمل لـ 500 ألف من المهن الزراعية والتصنيعية الغذائية، وتخفض درجة الحرارة بحدود 7 درجات مئوية، وتتمكن من زراعة 6 ملايين شجرة فاكهة وحمضيات تحت ظلالها، عدا عن مخلفات السعف والكرب التي ستؤمن أسمدة طبيعية تساهم في استصلاح المزيد من الأراضي، وتحسين البيئة وفرص العمل للصناعات التحويلية من مخلفات النخيل.
فلماذا لا نستفيد من تجربة موريتانيا في التخفيف من التصحر، وتلك المساحات الواسعة لتحويلها إلى مجالات متعددة للإستفادة منها.
ندعو أصحاب الشأن الى دراسة ذلك بجدية، فالفوائد من العمل على تحقيق هذا الأمر كبيرة ومتعددة المجالات.